وأمَّا ابن عصفور فيرى أن هذا لا يرد على النحويين ولا يلزمهم؛ من قبل أنهم أرادوا أنَّ من كانت لغته إثبات الياء في "الغواني" وأمثاله فإنه قد يحذفها في الضرورة للعلة المذكورة١ وهي تشبيه المضاف إليه والألف واللام بالتنوين.
والراجح لديَّ أنه لا يدخل ضمن الضرائر الشعرية؛ لوقوعه في أفصح كلام هو القرآن الكريم؛ في رؤوس الآي وغيرها كقوله ﷾: ﴿يَوْمَ التَّنادِ﴾ ٢، و﴿يَوْمَ التَّلاقِ﴾ ٣، و﴿الكَبيرُ المُتَعَالِ﴾ ٤، وقوله: ﴿وَجِفَانٍ كالجَوابِ﴾ ٥، فهذه الآيات في غير الوقف، ولو قيل: إن هذا يكثر في الشعر دون غيره لكان أولى. والله أعلم.
ويشير أبو العلاء المعري (٤٤٩هـ) إلى أن حذف الياء من المضاف إلى الظاهر أحسن من المضاف إلى المضمر؛ لأن الظاهر منفصل، والمضمر يجري مجرى ما هو من الاسم. وحذفها من المجرد من الألف واللام أشذُّ مما هي فيهما؛ لأن الألف واللام قد يسوغ معهما حذف الياء حتى قيل إنها لغة للعرب، وقد قرأ بها القراء٦.
١ انظر: المصدر السابق ١٢٢.
٢ من الآية ٣٢ من سورة غافر.
٣ من الآية ١٥ من سورة غافر.
٤ من الآية ٩ من سورة الرعد.
٥ من الآية ١٣ من سورة سبأ.
٦ انظر: عبث الوليد ٢٢٩.
تخفيفُ الحرفِ المُشَدَّد:
أجاز العلماء للشاعر تخفيف كل مثقل٧؛ فله أن يحذف في الشعر ما لا يجوز حذفه في الكلام لتقويم الشعر، كما أن له أن يزيد لتقويمه أيضًا٨، فإذا
٧ انظر: الكامل ٢/١٣٦٨.
٨ انظر: ما يحتمل الشعر من الضرورة ٨٩.