ألا حبذا نفحات نجد ... وريا روضة غب القطار
وعيشك إذ يحل القوم نجدا ... وأنت على زمانك غير زار
شهور ينقضين وما شعرنا ... بإنصاف لهن ولا سرار
فأما ليلهن فخير ليل ... وأقصر ما يكون من النهار
فهو كما تراه بعيد عن الصفحة، نازع الألفاظ، سهل المأخذ، قريب التناول١.
خامسًا:
وبهذا الفهم الواعي للصورة الأدبية يسبق القاضي الزمن، ويفرق بين الجمال والجلال فيها٢، فالجمال موضوعي، يستطيع المفتون بروعته أن يقف على أسبابه، ويحدد بعض عناصره، ويدرك خصائصه فيها، ويتعرض على مصادره في انتفاء الألفاظ، وسحر الكلمات، وإحكام التراكيب، وانسجام أجزاء النظم ومناسبة الوزن والقافية للمعنى، وسمو الخيال، وروعة التشبيهات، وحيوية الاستعارات، ووحي الكنايات، إلى غير ذلك من زهرات الرياض المتفتحة، ولا يحتاج في التعرف عليه من الناقد إلا ذوقه المستقيم، وإحساسه الصادق، ونفاذ البصيرة وحذق اللغة والإيمان بالفن الجميل.
وأما الجلال وهو فوق الجمال وغايته التي يسمو بها إلى مرحلة الإعجاز، ولم يكن ذلك ولن يكون إلا في "القرآن الكريم" المتفرد بالإعجاز، وسمو البيان.
_________
١ الوساطة: القاضي الجرجاني ص٣٧: ٣٩ط صبيح.
٢ يرى الدكتور محمد نايل أن القاضي الجرجاني سبق النقاد المحدثين في التفرقة بين الجمال والحلاوة في كتابه اتجاهات وآراء في النقد الحديث ص٢٣ مطبعة العاصمة.
1 / 45