نور الإخلاص وظلمات إرادة الدنيا بعمل الآخرة في ضوء الكتاب والسنة
الناشر
مطبعة سفير
مكان النشر
الرياض
تصانيف
عنها، واقْنَعْ بعلم الله وحده» (١).
وبالله وحده، ثم بالخوف من حُبوط العمل نجا أهل العلم والإيمان من الرياء وحبوط العمل، فعن محمد بن لبيد ﵁ يرفعه إلى النبي ﷺ: «إنَّ أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر»، قالوا: وما الشرك الأصغر
يا رسول الله؟ قال: «الرياء، يقول الله ﷿ لهم يوم القيامة إذا جزى الناس بأعمالهم: اذهبوا إلى الذين كنتم تراءون في الدنيا، فانظروا هل تجدون عندهم جزاء» (٢).
ولهذا الخطر العظيم خاف الصحابة والتابعون وأهل العلم والإيمان من هذا البلاء الخطير، ومن ذلك الأمثلة الآتية:
١ - قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ﴾ (٣)، قالت عائشة ﵂ يا رسول الله: أهو الذي يزني، ويسرق، ويشرب الخمر؟ قال: «لا يا بنت أبي بكر (أو يا بنت الصدّيق) ولكنه الرجل يصوم، ويتصدّق، ويصلّي وهو يخاف ألا يُتقبَّل منه» (٤).
٢ - قال ابن أبي مُليكة: «أدركت ثلاثين من أصحاب النبي ﷺ كلُّهم يخاف النفاق على نفسه، وما منهم أحد يقول: إنه على إيمان جبريل
_________
(١) انظر: الإخلاص والشرك الأصغر، ص١٥.
(٢) أحمد في المسند، ٥/ ٤٢٨، وصححه الألباني في صحيح الجامع، ٢/ ٤٥.
(٣) سورة المؤمنون، الآية: ٦٠.
(٤) ابن ماجه، كتاب الزهد، باب: التوقي في العمل، ٢/ ١٤٠٤، برقم ٤١٩٨، والترمذي، كتاب تفسير القرآن، بابٌ: ومن سورة «المؤمنون»، ٥/ ٣٢٧، برقم ٣١٧٥، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، برقم ١٦٢، وفي صحيح ابن ماجه، ٢/ ٤٠٩.
1 / 29