الحكم المشروع في الطلاق المجموع - ضمن «آثار المعلمي»
محقق
محمد عزير شمس
الناشر
دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٤ هـ
تصانيف
وأما الآية الرابعة فهي الحجة الواضحة عليكم، قال الجصاص: "وذلك يقتضي التفريق لا محالة؛ لأنه لو طلَّق اثنتين معًا لما جاز أن يقال: طلَّقها مرتين، وكذلك لو دفع رجل إلى آخر درهمين لم يجز أن يقال: أعطاه مرتين حتى يفرق الدفع" (أحكام القرآن ج ١/ ص ٣٧٨).
بل في الطلاق نفسه لو قيل: قد طلَّق فلان زوجته مرتين، لفُهِم منه أنه طلَّقها ثم بعد مدة طلَّقها.
ثم ذكر الله ﷿ الثالثة بعدُ إما بقوله: ﴿أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾، وإما بقوله: ﴿فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ﴾ الآية.
وأما قولكم: " ﴿فَإِنْ طَلَّقَهَا﴾ أي ــ والله أعلم ــ: ثلاثًا" فخطأٌ يخالفه ظاهرُ السياق، وما فهمه المفسرون من السلف، فإنهم اختلفوا على قولين:
الأول: أن قوله تعالى: ﴿أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾ هي الثالثة، وقوله: ﴿فَإِنْ طَلَّقَهَا﴾ بناءٌ عليها، كأنه قال: فإن وقع التسريح المذكور.
الثاني: أن التسريح هنا معناه عدم المراجعة، وقوله: ﴿فَإِنْ طَلَّقَهَا﴾ هي الثالثة.
وأما ما ذكره ابن جرير (^١) عن ابن عباس قال: "يقول: إن طلَّقها ثلاثًا لا تحل حتى تنكح زوجًا غيره" (تفسير ابن جرير ج ٢/ ص ٢٧٠)، فسنده ضعيف، وهو مع ذلك محمول على أن المراد منه ثلاثًا متفرقات هذه آخرها، جمعًا بينه وبين الروايات الثابتة عن ابن عباس.
_________
(^١) "تفسيره" (٤/ ١٦٦). وأخرجه أيضًا ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٢/ ٤٢٢) والبيهقي (٧/ ٣٧٦).
17 / 645