الحملة الأخيرة على القسطنطينية في العصر الأموي
الناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
السنة السادسة والثلاثون العدد (١١٢) ١٤٢٤هـ/٢٠٠٤م
تصانيف
عصم الله وحده ١.
ونعود الآن إلى النظر في الأسباب الحقيقية التي حالت دون فتح القسطنطينية وأدت إلى رفع الحصار عنها:
- يأتي في مقدمة ذلك حلول برد قارس شديد البرودة ذي أمطار وثلوج في شتاء سنة ٩٨؟، ومع أن المسلمين استعدوا لهذا الشتاء ببناء بيوت من خشب فشتوا فيها إلا أن قسوة البرد وكثرة الثلوج والأمطار قد أضرت بهم كثيرًا، قال صاحب العيون والحدائق: “وسليمان بن عبد الملك مقيم بدابق لا يقدر أن يمدهم بشيء من الأزواد لكثرة البرد والثلوج “ ٢، وروي أن الثلج غطى وجه الأرض نحوًا من مائة يوم فاشتد الضيق على المسلمين ٣، وذكر أحد المؤرخين الغربيين أن المسلمين لقوا شدة في ذلك العام عندما كان نزول الجليد لا ينقطع لمدة اثني عشر أسبوعًا ٤، ولا شك أن ذلك أثر على المسلمين تأثيرًا شديدًا؛ فتوقف نشاطهم وانكمشوا في انتظار حلول الربيع، لأنهم لم يتعودوا عليه، بينما كان ذلك مألوفًا لدى البيزنطيين؛ فاستفادوا منه بإعادة تنظيم دفاعات مدينتهم، ونقلوا المؤن إلى الداخل، وأرسلوا سفارتهم إلى البلغار ٥. وقد مات بسبب ذلك وبسبب الجوع خلق كثير من المسلمين ٦، ونفقت كثير من خيولهم وبغالهم وجمالهم ٧.
_________
١ وقد رأينا مثالًا على خطئه في تعامله مع برجان.
٢ ص ٣٢.
٣ عثمان، الحدود الإسلامية.. ص ٩١.
٤ أومان، الإمبراطورية البيزنطية ص ١٤٦، وذكر في الصفحة نفسها أن اليون كان يفخر بأن ديسمبر ويناير وفبراير من أعظم قواده
٥ فرج، العلاقات.. ص ١٦٦.
٦ المقدسي، البدء والتاريخ ص ٤٤.
٧ عثمان، الحدود الإسلامية.. ص ٩١.
1 / 473