مسألة بطلان الصلاة بتغيير الآيات في القراءة - ضمن «آثار المعلمي»
محقق
محمد عزير شمس
الناشر
دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٤ هـ
تصانيف
فقلتُ ــ وعلى تسليم دعواه ــ: إذًا ليس لك أن تناظرني؛ لأنّي مقلّدٌ آخُذُ قولَ إمامي، ولا يلزمني معرفة دليله. لكني أتنازل عن هذا فأقول: لا يلزم إمامي الحجةُ؛ لأنه متمسك بالأصل، وهو عدم البطلان، فالبيّنة عليك. ولكنّي أتنازل عن هذا فأقول: لا يخلو دعوى البطلان إمّا أن تكون لتغيير نظم القرآن، وإمّا للإتيان بكَلِمٍ ليست من القرآن.
أمّا الأول فيدلّ على استصحابِ الأصل فيه حديث عليٍّ عند أبي داود والترمذيّ والنسائي والحاكم (^١) قال: «صنعَ لنا عبد الرحمن بن عوفٍ طعامًا، فدعانا وسقانا من الخمر، فأخذتِ الخمرُ منّا وحضرتِ الصلاةُ، فقدّموني، فقرأتُ: (قل يا أيها الكافرون، لا أعبد ما تعبدون، ونحن نعبد ما تعبدون). فأنزل الله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ﴾ [النساء: ٤٣].
هكذا ذكره الجلال السيوطي في «أسباب النزول» (^٢). ولفظ أبي داود بعد السند إلى علي: عن عليٍّ ــ ﵇ ــ: «أن رجلًا من الأنصار دعاه وعبد الرحمن بن عوفٍ، فسقاهما قبل أن تُحرَّم الخمر، فأمَّهم عليٌّ في المغرب، فقرأ: (قل يا أيها الكافرون) فخلّط فيها، فنزلت: ﴿لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ﴾.
والاستدلال بهذا مِن حيثُ إنَّه لم يرد أنّهم أُمِروا بالإعادة، والأصل عدم
_________
(^١) «سنن أبي داود» (٣٦٧١) والترمذي (٣٠٢٦) و«السنن الكبرى» للنسائي (١١٠٤١) و«المستدرك» (٢/ ٣٠٧).
(^٢) «لباب النقول» (ص ٦٨، ٦٩).
16 / 84