عبق الرياحين في سيرة ذي الجناحين
الناشر
مبرة الآل والأصحاب
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٢ هـ - ٢٠١١ م
مكان النشر
الكويت
تصانيف
وهذا دليل شجاعة وإقدامٍ وثباتٍ وقوة إيمانٍ ويقينٍ وفروسيةٍ من جعفر ﵃ وأرضاه.
وهكذا تركّزت كل مسؤولية جعفر ﵁ في ألا يدع راية رسول الله ﵌ تلامس التراب وهو حيّ، حتى حين تكوَّمت جثته الطاهرة ﵁، كانت سارية الراية مغروسة بين عضدي جثمانه، وتمسَّك بها إلى آخر لحظة في حياته غير مبالٍ بطعنات أعدائه.
ثم شق الصفوف عبدالله بن رواحة ﵁ كالسهم متجهًا لحمل الراية، وأخذها وقاتل قتالًا شديدًا حتى استشهد.
فعن أنس ﵃: (أن النبي ﵌ نعى زيدًا وجعفرًا وابن رواحة للناس قبل أن يأتيهم خبرهم، فقال: أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذ جعفر فأصيب، ثم أخذ ابن رواحة فأصيب، وعيناه تذرفان، حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم) (^١).
وعن أبي قتادة فارس رسول الله ﵌ قال: «بعث رسول الله ﵌ جيش الأمراء فقال: عليكم زيد بن حارثة، فإن أصيب زيد فجعفر بن أبي طالب، فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة الأنصاري، فوثب جعفر فقال: بأبي
(^١) أخرجه البخاري (٤/ ١٥٥٤) رقم (٤٠١٤)، قال ابن إسحاق: «ولما أصيب القوم قال... رسول الله ﵌ فيما بلغني: أخذ الراية زيد بن حارثة فقاتل بها حتى قتل شهيدًا، ثم أخذها جعفر فقاتل بها حتى قتل شهيدًا، قال: ثم صمت رسول الله ﵌ حتى تغيرت وجوه الأنصار، وظنوا أنه قد كان في عبد الله بن رواحة بعض ما يكرهون، ثم قال: ثم أخذها عبد الله بن رواحة فقاتل بها حتى قتل شهيدًا، ثم قال لقد رفعوا إلي في الجنة»، أخرجه ابن هشام في السيرة (٢/ ٣٧٩).
1 / 91