عبق الرياحين في سيرة ذي الجناحين
الناشر
مبرة الآل والأصحاب
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٢ هـ - ٢٠١١ م
مكان النشر
الكويت
تصانيف
- خير الناس وأبو المساكين:
كان جعفر ﵁ كريمًا على المساكين، فقد كان ﵁ يحب المساكين، وكان المساكين يحبون جعفر ﵁، فهو حب متبادل، فلم يكن جعفر يتردد في بذل كل ما لديه في سبيل إسعادهم، ممّا أكسبه لقب أبي المساكين.
فها هو أبو هريرة ﵁ وهو من أهل الصفة ومن فقراء المسلمين الذين كان ليس لهم مصدر دخلٍ ولا قوت ولا طعام إلا ما يكون من الغنائم في الجهاد، وما يكون من إكرام المسلمين وهداياهم وصدقاتهم لهم- يحدثنا عن كرم جعفر ﵁ مع المساكين، إنه ليس كرمًا عادياًّ، إنه كرم مأخوذ من مدرسة المصطفى ﵌، فجعفر هو الذي أشبه خُلقه خُلق رسول الله ﵌.
فعن أبي هريرة ﵁: «أن الناس كانوا يقولون: أكثر أبو هريرة، وإني كنت ألزم رسول الله ﵌ بشبع بطني حين لا آكل الخمير ولا ألبس الحبير ولا يخدمني فلان ولا فلانة وكنت ألصق بطني بالحصباء من الجوع، وإن كنت لأستقرئ الرجل الآية هي معي كي ينقلب بي فيطعمني، وكان أخير الناس للمسكين جعفر بن أبي طالب، كان ينقلب بنا فيطعمنا ما كان في بيته حتى إن كان ليخرج إلينا العكة التي ليس فيها شيء فنشقها فنلعق ما فيها» (^١).
فمن شدة كرمه ﵁ أنه كان يكسر جرارًا للعسل حتى يلعقوا ما فيها.
فهو ﵁ وأرضاه يعطي ما عنده لا يستبقي شيئًا قليلًا كان أو كثيرًا.
_________
(^١) أخرجه البخاري (٥/ ٢٤) (٣٧٠٨)، وفي (٧/ ١٠٠) (٥٤٣٢).
1 / 25