يسر العقيدة الإسلامية - ضمن «آثار المعلمي»
محقق
علي بن محمد العمران
الناشر
دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٤ هـ
تصانيف
الأصل الثاني (^١): أنه ﷿ أَحَدٌ
صرَّح المتكلمون ــ كما بينته في رسالة "العبادة" (^٢) ــ بأنه لم يخالف في هذا أحد من الناس، وإنما يقرب من الخلاف فيه فِرَق:
الأولى: غلاة المجوس، زعموا أن الشيطان قديم، وأن له قدرة عظيمة، وأنها لا تزال المغالبة بين الله ﷿ وبينه حتى يُغلَب الشيطان أخيرًا، ويلقيه الله ﷿ في جهنم، هو ومن تَبِعه.
والذي أوقعهم في هذا القول هو النظر بعقولهم، غير مستضيئين بنور الأنبياء، فرأوا أن الله ﷿ لا يمكن أن يكون منه شرّ، ثم رأوا في العالم شرورًا، فقال بعضهم: الشرور من إبليس. فقال آخرون: يعود الإشكال في خَلْق الله تعالى لإبليس الشرير. وهكذا أخذوا يفرضون وينقضون، حتى قال بعضهم: لا مَخْلَص إلا بالقول بأن إبليس قديم، لم يخلقه الله ﷿.
وهذا الفرض يكفي في بطلانه بقاء العالم على ما نشاهده من النظام، كما يشير إليه قوله ﷿: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾ [الأنبياء: ٢٢].
فأما ما جهلوه من تفسير وقوع الشر، فإن أمكَن توجيهٌ يقبله العقل فذاك، وإلا وجبَ التوقفُ والعلمُ بأن لذلك [ص ٤٠] تأويلًا صحيحًا وإن لم نعلمه.
الفرقة الثانية: غُلاة النصارى في قولهم: إن الله ربٌّ واحد حقيقة، وهو مع ذلك ثلاثة أقانيم: الأب والابن والروح القدس (^٣).
_________
(^١) تقدم الأصل الأول (ص ٤٧).
(^٢) انظر (ص ٣٣٢ - ٣٣٧).
(^٣) انظر "الملل والنحل": (٢/ ٢٤٥)، و"الجواب الصحيح": (٣/ ١٨٣ وما بعدها).
5 جـ / 79