الصفات الإلهية في الكتاب والسنة النبوية في ضوء الإثبات والتنزيه

محمد أمان الجامي ت. 1415 هجري
85

الصفات الإلهية في الكتاب والسنة النبوية في ضوء الإثبات والتنزيه

الناشر

المجلس العلمي بالجامعة الإسلامية،المدينة المنورة

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠٨هـ

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

تصانيف

العقلية، بل لا يزيدون على سرد النصوص فقط. ولو سايرنا الإمام إلى آخر حواره الطويل، لرأينا كيف يضرب الأمثال التي تقرب المعاني إلى الأذهان، وتعين على الفهم. فلنسمع مثلًا إلى هذا النموذج من كلام الإمام وهو يفسر قوله تعالى: ﴿وَهُوَ اللهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ﴾ ١، يقول الإمام ﵀: وإنما معنى قوله: ﴿وَهُوَ اللهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ﴾ يقول: وهو إله من في السموات وإله من في الأرض وهو على العرش، وقد أحاط علمه بما دون العرش، ولا يخلو من علم الله مكان. ولا يكون علم الله في مكان دون مكان. وذلك قوله تعالى: ﴿لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾ ٢. ثم قال الإمام ﵀: ومن الاعتبار٣ في ذلك لو أن رجلًا كان في يده قدح من (قوارير) صاف وفيه شراب صاف، كان يصير ابن آدم قد أحاط بالقدح من غير أن يكون ابن آدم في القدح، فالله - وله المثل الأعلى- قد أحاط بجميع خلقه من غير أن يكون في شيء من خلقه، ثم قال خصلة٤ أخرى: لو أن رجلًا بنى دارًا بجميع مرافقها، ثم أغلق بابها وهو خارج كان بن آدم لا يخفى عليه كم بيتًا في داره، وكم سعة كل بيت من غير أن يكون صاحب الدار في جوف الدار، فالله - وله المثل الأعلى- قد أحاط بجميع ما خلق وعلم كيف هو، وما هو من غير أن يكون في شيء مما خلق٥. هكذا يحلل الإمام معنى الآية ليقربه إلى أفهام القراء، وهكذا يفهم

١ سورة الأنعام آية: ٣. ٢ سورة الطلاق آية: ١٢ ٣ أي مثال ذلك. ٤ أي مثال آخر. ٥ عقائد السلف ص: ٩٤.

1 / 105