الصفات الإلهية في الكتاب والسنة النبوية في ضوء الإثبات والتنزيه
الناشر
المجلس العلمي بالجامعة الإسلامية،المدينة المنورة
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٠٨هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
ولم يعلموا - أو هم يتجاهلون- أن الحجة العقلية الصريحة لا تعارض الحجة الشرعية الصحيحة. بل يمتنع تعارضهما إلا إذا كان هناك فساد في أحدهما أو فيهما جميعًا١، علمًا بأن العقل إنما هو أمر معنوي يقوم بالعاقل سواء سمي عارضًا أم صفة، وليس هو عينًا قائمة بنفسها كما يعتبرها بعض الفلاسفة٢.
فالسلف يحتكمون إلى النصوص في كل شيء كتابًا وسنة، ويكتفون بها، ولا يعارضونها بالأدلة العقلية كما ذكرناه آنفًا.
القاعدة الثالثة: عدم التفريق بين الكتاب والسنة
يرى السلف أن السنة تبين الكتاب وتوضحه وتفسره، بل السنة خير تفسير يفسر به القرآن بعد القرآن، بل قد يتوقف فهم بعض ما أجمل في القرآن إلا بواسطة السنة، وقد ترد أحكام بل صفات من صفات الله تعالى في السنة غير مذكورة في الكتاب، فيجب الأخذ بهما معًا دون محاولة تفريق بينهما، لأنها وحي من عند الله من حيث المعنى. ولقد رأينا السلف كيف استغرقوا في القرآن تلاوة وحفظًا وعكوفًا على تفسيره وتفهمه، منفذين أحكامه ومستنبطين منه القواعد في النظر العقلي، ومستمدين منه حقائق عالم الغيب هذا.
ويتضح مما تقدم أن مدلول السلفية أصبح اصطلاحًا معروفًا يطلق على طريقة الرعيل الأول، ومن يقتدون بهم في تلقي العلم، وطريقة فهمه، وبطبيعة الدعوة إليه، فلم يعد إذًا محصورًا في دور تاريخي معين، بل يجب أن يفهم على أنه مدلول مستمر استمرار الحياة وضرورة انحصار الفرقة الناجية في علماء الحديث والسنة، وهم أصحاب هذا المنهج، وهي لا تزال باقية إلى يوم
_________
١ ابن تيمية مجموع الفتاوى ٩/٢٧٩ مطابع الرياض.
٢ د. مصطفى حلمي، قواعد المنهج السلفي ص: ٣٥-٤٦، ط دار الأنصار بالقاهرة ١٣٩٦هـ/١٩٧٦م.
1 / 64