الصفات الإلهية في الكتاب والسنة النبوية في ضوء الإثبات والتنزيه
الناشر
المجلس العلمي بالجامعة الإسلامية،المدينة المنورة
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٠٨هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
ثم بيّن أن هذه طريقة اختارها الله لعباده المؤمنين وأدّبهم بها وعلمهم أنه لا يسعهم عند التنازع في أي شيء إلا الرجوع إلى كتابه وإلى رسوله في حياته ﵊، وإلى أخباره وسنته بعد وفاته لحل النزاع. وكل ما خالفهما يجب رفضه وعدم الالتفات إليه. ثم قال: فقد تنازعنا أنا وبشر وبيننا كتاب الله وسنة رسوله ﷺ، فمن الإيمان بالله واليوم الآخر والإيمان بالكتاب نفسه وجوب الرجوع إليهما. مكتفين بهما حكمًا لحل نزاعنا. فأقر المأمون هذا المنهج الذي عرضه المكي، وحقيقته: تقديم النقل على العقل، واعتبار النقل مرجعًا أساسيًا في باب الأسماء والصفات، بل وفي كل باب.
والذي يدلنا على أن هذا هو منهج السلف ومذهبهم أن الصحابة نقلوا إلينا القرآن وأخبار الرسول ﷺ. نقل مصدق غير مرتاب في صدق قائله وصدق ما يقوله وينقله، ثم لم يؤولوا ما يتعلق منه بالصفات من الآيات والأحاديث، بل كانوا ينكرون بعنف على من يتتبع الغوامض من نصوص هذا الباب، وربما ضربوه١ لئلا يفتن الناس بالتأويل، فدل ذلك على أن منهجهم هو اتباع النقل فقط مع عدم تأويله٢.
فخلاصة قواعدهم:
١- تقديم النقل.
٢- عدم التأويل.
٣- عدم التفريق بين الكتاب والسنة.
وسوف نفصل ذلك في الصفحات التالية إن شاء الله.
ولقد كان اللاحق منهم يحرص على فهم هذا المنهج من السابق منهم ويأخذ بتفسيره ولا يخالفه، ويأخذ الأوائل قدوة، لأن الوحي كان ينزل بين
_________
١ إشارة إلى ما فعله عمر بن الخطاب حيث ضرب "صبيغًا"، ثم نفاه إلى البصرة وأمر الناس بعدم مجالسته، وصبيغ على وزن أمير وهو ابن عسيل وقصته معروفة.
٢ راجع: منهج علماء الحديث والسنة للدكتور مصطفى حلمي ص: ١٢٢، ط دار الدعوة الإسكندرية.
1 / 61