الصفات الإلهية في الكتاب والسنة النبوية في ضوء الإثبات والتنزيه
الناشر
المجلس العلمي بالجامعة الإسلامية،المدينة المنورة
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٠٨هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
وما أحسن ما حكاه الحسن بن صالح العباداني عن أحد العباد (سهل بن عبد الله التستري) قال: دخلت على سهل بن عبد الله التستري فقلت له: أوصني أيها الشيخ يرحمك الله فإني أريد الحج، فقال لي: أوصيك، وواعظك معك؟ فقلت: ومن واعظي يرحمك الله؟ قال: الكتاب المنزل، فقلت له: الكتاب كبير وفيه مواعظ وتخويف، فعظني يرحمك الله قال: بسم الله الرحمن الرحيم ﴿مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلاَثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلاَ أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا﴾ ١، قال: ثم قال: استمسك بما سمعت ترشد، قال: فوالله لقد دلتني هذه الآية على كل خير٢ ا. هـ
يستفاد من هذه القصة ما يأتي:
١- إصرار ذلك العابد الكبير على أن كتاب الله خير واعظ ولا ينبغي العدول عنه إلى غيره وأن كل من طلب علمًا ينتفع به في دينه، يجب أن يرشد ويشجع على التمسك بكتاب الله، ولا ينبغي للوعاظ والعلماء والمشايخ تزهيد الناس في كتاب الله بترغيبهم في التماس الحق والهدى والعقيدة السليمة في غيره، بل الواجب ترغيب الناس في التمسك بكتاب الله المنزل مشروحًا بالسنة المطهرة التي لا يستغني عنها كل مفسر لكتاب الله لأنها صنو القرآن، ووحي مثله في باب التشريع ووجوب الاتباع.
٢- حسن اختيار سهل بن عبد الله التستري، حيث اختار للسائل (آية المعية) ليشعر السائل عند تلاوتها أن الله معه بعلمه، والاطلاع عليه، ومحيط به، ولا يخفى عليه من أمره وتصرفاته شيء حيثما كان في سفره وحضره، وهي معية عامة، وسيأتي الكلام مفصلًا عن صفة المعية إن شاء الله.
_________
١ سورة المجادلة آية: ٧.
٢ المعارضة والرد لسهل بن عبد الله التستري تحقيق ونقد وتعليق الدكتور محمد كمال جعفر، ص: ٧٥.
1 / 35