الصفات الإلهية في الكتاب والسنة النبوية في ضوء الإثبات والتنزيه
الناشر
المجلس العلمي بالجامعة الإسلامية،المدينة المنورة
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٠٨هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
وبعد: فالقرآن والسنة هما المصدران الأساسيان لكل بحث في العقيدة، لأنهما وحيان من الله، ويمثلان الرسالة التي كلف الله بها رسله المختارين من البشر، لتكون رابطة بين السماء والأرض، وتحمل إلى سكانها أخبار السماء، أحكامًا ربانية وتعليمات وتوجيهات إلهية.
وقد كانت تلك الرسالات متحدة في أصول الدين والإلهيان، إذ كانت كلها تنادي أول ما تنادي: ﴿اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ﴾ ١.
إذ كانت كلها تخرج من مشكاة واحد أي (من عند الله)، ولو كانت من مصادر متعددة لاختلفت وتضاربت، ولكنها كانت متنوعة ومختلفة في الشريعة والمناهج. حيث جعل الله لكل نبي ورسول شرعةً ومنهاجًا، يناسب أحوال وظروف أمته رحمة منه سبحانه ولطفًا، إنه لطيف بعباده.
ولقد كان كل نبي يبعث إلى قومه وبلسان قومه في ضوء منهج معين، وتشريع محدود ومؤقت. ﴿وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خلاَ فِيهَا نَذِيرٌ﴾ ٢ واستمرت هذه السنة هكذا مدة من الزمن طويلة لحكمة يعلمها العليم الحكيم ﴿سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا﴾ ٣.
ولما حان الوقت الذي أراد الله أن يختم فيه رسالاته إلى أهل الأرض اختار من بين عباده نبيه المصطفى محمدًا من أمة أمية (العرب)، وقد كانت على فطرتها السليمة دون أن تتأثر بأي حضارة من الحضارات القائمة في ذلك الوقت، الحضارة الفارسية، والرومانية، والهندية، وغيرها، اختاره ليرسله إلى الناس كافة، وليختم به الرسالات، وبعد تمهيدات وإرهاصات مرّت عليه في صباه بعثه إلى الناس كافة، وأنزل عليه كتابه الأخير الذي ختم به الكتب السماوية (القرآن الكريم) .
_________
١ سورة الأعراف آية: ٥٩.
٢ سورة فاطر آية: ٢٤.
٣ سورة الفتح آية: ٢٣.
1 / 26