الصفات الإلهية في الكتاب والسنة النبوية في ضوء الإثبات والتنزيه
الناشر
المجلس العلمي بالجامعة الإسلامية،المدينة المنورة
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٠٨هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
ومن ذلك حديث في الموطأ: " إني لأَنْسى أو أنسَّى لأَسنَّ" ١، أي إنما أدفع إلى النسيان لأسوق الناس بالهداية إلى الطريق المستقيم، وأبين لهم ما يحتاجون أن يفعلوه إذا عرض لهم النسيان، ويجوز أن يكون من سننت الإبل إذا أحسنت رِعْيَتَها، والقيام عليها.
ومنه نزل المحصب، "ولم يسنَّه" أي نزول المحصب، أي لم يجعله سنة يعمل بها، وقد يفعل الشيء لسبب خاص فلا يعم غيره، وقد يفعل لمعنى، فيزول ذلك المعنى، ويبقى الفعل على حاله متبعًا، كقصر الصلاة في السفر للخوف، ثم استمر القصر مع عدم الخوف، صدقة من الله على عباده، كما ورد في السنة.
ومن حديث ابن عباس: " رمل رسول الله ﷺ ولم يسنه " أي لم يسنَّ فعله لكافة الأمة، ولكن لسبب خاص، وهو أن يُرى المشركين قوة الصحابة، وهو مذهب ابن عباس، وأما غيره فيرى أن الرمل في طواف القدوم سنة باقية، وعليه العمل بين المسلمين.
ومن ذلك: "سنوا بهم سنة أهل الكتاب "٢، يعني المجوس في أخذ الجزية منهم، وقد ساق أبو السعادات (ابن الأثير) طائفة كبيرة من أمثلة هذا النوع، وقال الراغب: سنة النبي ﷺ طريقته التي كان يتحراها، وسنة الله ﷿ طريقة حكمه وطريقة طاعته، نحو قوله تعالى: ﴿سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ﴾ ٣، ﴿وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا﴾ ٤، وقوله تعالى: ﴿وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ﴾ ٥.
_________
١ رواه مالك في الموطأ بلاغا ١/١٢١.
٢ أخرجه مالك في الموطأ ١/٢٠٧.
٣ سورة الفتح آية: ٢٣.
٤ سورة فاطر آية: ٤٣.
٥ سورة الكهف آية: ٥٥.
1 / 18