مذهب الشارح النحوي
نظر الشارح ﵀ في النحو نظر المجتهدين، فلم يكن مقلدًا أو متعبدًا آراء سابقيه حرفًا حرفًا، بل كان له في الشرح شخصيته المستقلة، فهو في شرحه يعرض الأحكام، ويناقش أدلتها مناقشة تحقيقية عميقة، مبتعدًا في ذلك عن التكلف والتعسف في الأحكام وتأويلاتها، يلتزم السهولة واليسر، وهو على ذلك لم يهمل آراء من سبقه من القدماء، وإنما سار على نهجهم ووافق من وافق لا على تقليد بل موافقة الرأي السليم الذي أداه إليه نظره.
الشارح ﵀ في الغالب الأعم بصري المذهب، ويدلل على ذلك أنه يصوب مجمل آرائهم على آراء الكوفيين، ومن ذلك (^١):
فَيَسْتَحِقُّ مَا لَهُ مِنْ عَمَلِ ... فِي المَذْهَبِ البَّصْرِيِّ وَالقَوْلِ الجَلِي
وقوله (^٢):
وَنَقْلُ فَتْحٍ مِنْ سِوَى المَهْمُوزِ لَا ... يَرَاهُ بَصْرِيٌّ كـ"عِلْمٍ" مَثَلَا
فِي النَّصْبِ فَامْنَعْ نَقْلَهُ لَهُ فَلَا ... تَقُلْ "عِلَمْ" وَفِيهِ كُوفٍ نَقَلَا
جَوَازَهُ وَرَجَّحُوا ذَا القَوْلَا ... وَالمَذْهَبُ البَصْرِيُّ عِنْدِي أَوْلَى
وقوله (^٣):
قَدَّمَ فِي الوَضْعِ بَيَانَ المُبْتَدَا ... عَلَى بَيَانِ فَاعِلٍ لِلِاقْتِدَا
بِسِيبَوَيْهِ وَارْتُضِي، وَطَائِفَه ... لِذَلِكَ الوَضْعِ غَدَتْ مُخَالِفَه
وقوله (^٤):
وَقِيلَ لَا قِيَاسَ وَهْوَ مُقْتَضَى ... كَلَامِ سِيبَوَيْهِ وَهْوَ المُرْتَضَى