النقد والبيان في دفع أوهام خزيران
الناشر
مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م
مكان النشر
فلسطين
تصانيف
لا يناسب الموضوع -أيضًا- لما أن المراد من البدع فيه هي المحرمة المحضة المناسبة لشتم الأصحاب؛ لاندراجهما في شرط واحد.
نقول: دعواه هذه باطلة، بدليل قول الإمام البِرْكِوي (١) في «الطريقة المحمدية» وشارحها العارف بالله عبد الغني النابلسي (٢): «والبدعة في العبادة وإن كانت دون البدعة في الاعتقاد، لكنها منكر في دين الله -تعالى- وضلالة، يجب تركها والاجتناب عنها أكثر من جميع المعاصي، لاسيما إذا صادمت سنة مؤكدة» .
فظهر من هذا أنَّ الحديث الذي استدللنا به يناسب الموضوع؛ لأنّ كل بدعة في الدين معمولٌ بها بصفتها عبادة، كالتهليل والتكبير مع الجنازة برفع الصوت، منكر وضلالة.
وأما قوله: المراد من البدع فيه، هي: المحرَّمة المحضة، المناسبة لشتم الأصحاب، فلا يصلح مخصصًا؛ لأنَّ شتم الصحابة إنما يكون حين ظهور البدع التي يرجع إلى الصحابة إنكارها فيسبّهم الناس لذلك، كما هو حاصل اليوم من شتم المبتدعين لكل من ينهى عن بدعة، ومن المعلوم: أن الله -تعالى- أخذ العهد على العلماء أن يبيِّنوا الدين للناس بقوله: ﴿وَإِذ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ﴾ [آل عمران: ١٨٧]، وذلك يشمل التنبيه على البدع المحرَّمة والمكروهة، فلا وجه لتخصيص الحديث المذكور بالبدع المحرمة، مع العهد العام في البيان.
_________
(١) في رسالة «السنوحات المكية» (ص ٢٠): «البِرْكِوي -بكسر الباء والكاف-»، ويقال فيه: «البِيرِكلي والبِيرْكِلي»، كما في «معجم المطبوعات» (٦١٠)، ويقال -أيضًا-: البِرْكِلي، عرف به الشيخ عبد الغني في «شرح الطريقة المحمدية» (١/٣)، وقال: «توفي في جمادى الأولى، سنة إحدى وثمانين وتسع مئة» .
(٢) اسم شرحه: «الحديقة النبوية»، طبع في تركيا سنة ١٢٩٠هـ، والنقل فيه (١/١٤١) من كلام البركوي دون شرح الشيخ عبد الغني -رحمهما الله تعالى-.
1 / 42