الحد الفاصل بين الإيمان والكفر
الناشر
الدار السلفية
رقم الإصدار
الخامسة
سنة النشر
١٤٠٨ هـ - ١٩٨٨ م
مكان النشر
الكويت
تصانيف
حتى جعل الرجل منا ما يصلي إلا سرًا (مسلم وابن ماجه وأحمد)، وكان هذا بالطبع في مكة.
فإخفاء المسلمين للشعائر في هذه الحقبة ليس جبنًا، ولا رخصة غيرها أفضل منها وإنما هو سياسة واجبة لانتشار الإسلام، وإعلاء مناره. وقد يصل بالمسلمين ظرف من الظروف يكون إخفاؤهم لعقيدتهم وإيمانهم خيرًا من إعلان ذلك، وفرق كبير بين إخفاء حقيقة الإيمان، والنطق بكلمة الكفر. ولكن ينبغي أن يعلم أن هذا الظرف والمناسبة يحددها النظر الشرعي السليم المبني على اجتهاد صائب صحيح وليس الجبن والخوف من إظهار عقيدة الإسلام وشرائعه.
وليس إخفاء الإيمان فضيلة وفريضة للهروب من مكروه فقط بل ولجلب منفعة عامة للمسلمين. وقد فعل هذا محمد بن مسلمة ﵁ بأمر من الرسول ﷺ، عندما أرسله لقتل كعب بن الأشرف (كان كعب بن الأشرف يهوديًا، وكان شديد الأذى لرسول الله ﷺ، وكان يتغزل في نساء الصحابة ويقع في أعراضهم في أشعاره فلما كانت وقعة بدر ذهب إلى مكة وجعل يؤلب المشركين على رسول الله ﷺ، ناقضًا عهده، فلما عاد إلى المدينة انتدب له الرسول ﷺ سرية على رأسها محمد بن مسلمة لقتله. وأذن لهم أن يقولوا ما شاءوا من كلام يخدعونه به، فزعموا له أنهم ضاقوا ذرعًا بصحبة النبي وشكوا إليه ما أصابهم من ضنك وشدة في العيش. وطلبوا منه أن يبيعهم طعامًا ويرهنونه أسلحتهم، حتى إذا اطمأن إليهم وخرج معهم بعيدًا عن حصنه قتلوه) .
1 / 98