النظر الفسيح عند مضائق الأنظار في الجامع الصحيح
الناشر
دار سحنون للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م
مكان النشر
دار السلام للطباعة والنشر
تصانيف
الإسلام بقيت عادة الانحياز وبطلت المخاطرة والمقامرة فلما حضرهم رسول الله ﷺ جرى على العادة لما فيها من بعث الهمم على العناية بتسديد الرمي. ولما سمعه الفريق الذي لم يجعل رسول الله ﷺ نفسه معهم تحرجوا من المناضلة؛ لئلا يجدوا في أنفسهم الحرص على أن يعوقوا فريقًا جعل رسول الله ﷺ نفسه معهم ولقد أحسنوا الفطنة والأدب، فلما رأى ذلك رسول الله ﷺ عدل عن ذلك التخصيص، وجعل نفسه مع الفريقين كليهما، استبقاءً لما في تلك العادة من بعض الهمم.
وقد ورد في بعض الروايات أن النضال كان بين اثنين؛ فيكون قول الراوي هنا: «إنه مرَّ على نفر من أسلم» أن النفر كانوا حاضري المناضلة، وليسوا متناضلين، على العادة في شهود المناضلة أن ينحاز جمع لكل فريق، وأن قول رسول الله ﵊: «وأنا مع بني فلان»، أي مع من انحاز إليه بنو فلان لطائفة من أسلم.
وشهود الجماعات أمثال هذه الحوادث عادة بشرية، ومنه قوله تعالى: ﴿وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ﴾ [ص: ٢١] فأتى بضمير الجماعة وكان الخصم اثنين ﴿قَالُوا لا تَخَفْ خَصْمَانِ﴾. [ص: ٢٢]
* * *
باب الحرير في الحرب
فيه حديث محمد بن سنان عن همام عن قتادة عن أنس [٤: ٥٠، ١٧]:
(أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَالزُّبَيْرَ شَكَوَا إِلَى رسول الله ﷺ يَعْنِي الْقَمْلَ- فَأَرْخَصَ لَهُمَا فِي الْحَرِيرِ).
هكذا وقع في هذه الرواية «يعني القمل»، ووقع في رواية أخرى [٧: ١٩٥، ١٠]: «من أجل حكة كانت بهما». وفي رواية: «لحكة كانت بهما»، فالظاهر أن رواية «يعني القَملَ» وهمٌ؛ إذ ليس الحرير بالذي يزيل القمل.
ويحتمل أن مرض الحكة يسمى أيضًا بالقمل عندهم لشبه نزغ الحكة بنزغ القمل، وليس المراد الحشرة المعروفة.
* * *
1 / 92