263

النظر الفسيح عند مضائق الأنظار في الجامع الصحيح

الناشر

دار سحنون للنشر والتوزيع

الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م

مكان النشر

دار السلام للطباعة والنشر

تصانيف

كتاب الفتن
باب لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه [٦١: ٩، ١٨]
ترجم البخاري ﵀ هذا الباب باللفظ الوارد عن النبي ﷺ في حديث أنس الذي أخرجه تحت هذه الترجمة ليترك للناظر تأويل معنى هذا الحديث.
والذي يظهر أن المراد بالزمان الأزمنة التي يحضرها أصحاب رسول الله ﷺ لقوله ﵊ في خطابهم: «حتى تَلْقَوا ربكم»؛ ذلك أن الصحابة كانوا في زمن النبي ﷺ وهو أسعد الأزمنة، ثم كانوا بعده في زمن الخليفتين أبي بكر وعمر ومدة من زمن عثمان، ثم أقبلت الفتن وذهبت تتزايد إلى أن انقرض الصحابة ﵁.
باب كيف الأمر إذا لم تكن جماعة [٦٥: ٩، ٣]
فيه حديث حذيفة عن النبي ﷺ، والظاهر أن المراد بالشر الأول هو ردة العرب، وبالدَّخَن في الخيْر الثاني ما حدث من الأحداث السيئة في الإسلام بعد قتل عمر، ومحاولة الخروج على عثمان، فإن الناقمين عليه كانوا يدَّعون الغيرة على الإسلام وينكرون على بعض الولاة في زمنه مناكر، بعضها جدير بالإنكار، إلا أن معظمها غلوٌّ وإفراط، فهم يهدون بغير هدي ويقولون معروفًا ومنكرًا.
والظاهر: أنه أراد بالشر الذي بعد ذلك فتنة الخروج على عثمان وما حدث بعده من الخروج على عليٍّ بعد أن بايعوه، وكلا الفريقين الخارجين على الخليفتين دعاة على أبواب جهنم؛ لأنهم يَدْعُون المسلمين إلى القتال وشَقِّ العصا ومفارقة الجماعة، وهم كلهم من العرب؛ ولذلك قال: «هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا».
وكأن رسول الله ﷺ وقف عند هذا الحدِّ؛ لأنه الذي يحصل في حياة حذيفة القاصد من سؤاله عن الشرِّ اتقاء الوقوع فيه.
وأما ما ذهب إليه عياض في تفسير ذلك مما هو في الشرح فغير مستقيم؛ لأنه أهمل الردة، وهي أعظم شرٍّ وقع بعد وفاة النبي ﷺ، وجعل خلافة عمر بن عبد العزيز هي

1 / 267