النظر الفسيح عند مضائق الأنظار في الجامع الصحيح
الناشر
دار سحنون للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م
مكان النشر
دار السلام للطباعة والنشر
تصانيف
باب مسجد قُباء
فيه قال نافع: وكان ابن عمر يقول له [٢: ٧٦، ١٩]:
(إنما أصنع كما رأيت أصحابي يصنعون ولا أمنع أحدًا أن يصلي في أي ساعةٍ شاء من ليل أو نهارٍ غير أن لا تتحروا طلوع الشمس ولا غروبها).
أراد بما يصنع صلاته النافلة في وقت الضحى حين يقدم مكة، وحين يزور قُباء ضُحى السبت، فيصلي فيه تحية المسجد، وأنه لا يصلي النافلة وقت الضحى في غير هذين، فجاء بصيغة القصر للردِّ على الذين ينكرون عليه ترك نافلة الضُّحى؛ إذ كان الخلاف في سنة ذلك قد شاع بين السلف، لما روته أمٌ هانئ عن صلاة رسول الله ﷺ إياها يوم فتح مكة، وكان بعضهم يرى صلاتها وإن كان رسول الله ﷺ لم يكن يصليها، كما روي عن عائشة [٢: ٦٢، ١٩]، أنها قالت: «ما رأيت رسول الله ﷺ يسبح سبحة الضحى وإني لأسبحها»، فأما عبد الله بن عمر فقد بين أنه لا يخالف التأسي برسول الله ﷺ.
فقوله: «كما رأيتُ أصْحابي يَصْنَعون» أراد به رسول الله ﷺ، أي صَاحبي فهو من الإتيان باسم الجمع والمراد المفرد لقصد التعظيم.
وقوله عقبه: «ولا أمنَعُ أحدًا أن يصلي» إلخ، يريد أن النافلة مشروعة في كل وقت غير وقتي طلوع الشمس وغروبها. فهو يرى ترك صلاة الضحى تأسُيًا فيه النافلة، لكن على أن ذلك ليس من السنة.
وكلام ابن عمر هنا فَصْلٌ في كيفية الأخذ بالسنن والحث عليها دون نكير على من خالف ذلك في دائرة الإذن العام، وهذا قارع لأنوف الضعفاء من المنتسبين للعلم من دعوتهم في مخالفة السنة بمثل ما يدعو به أحد إلى تغيير المنكر.
* * *
1 / 28