النظر الفسيح عند مضائق الأنظار في الجامع الصحيح
الناشر
دار سحنون للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م
مكان النشر
دار السلام للطباعة والنشر
تصانيف
قد يشكل قولهما: «قد قال ذلك» مع نزاعهما ومطالبتهما بالميراث، ودفع الإشكال بأنهما قد حصل لهما العلم بأن رسول الله ﷺ قال ذلك بخبر عمر، والرهط الذين معه من أصحابه في ذلك المجلس، أو بخبر أولئك أو غيرهم في المجلس الذي كان دفع فيه عمر لهما ما تركه رسول الله ﷺ؛ لأنهما إنما جاءا في هذا المجلس الأخير متنازعين في كيفية التصرف. ويؤيد ذلك ما جاء في آخر كلام عمر من قوله: «وأنتما حينئذ تزعمان أن أبا بكر كذا وكذا» أي تنسبانه إلى الخطأ في الاجتهاد في منعكما؛ مما يدل على أن ذلك زال من اعتقاد علي وعباس ﵁.
* * *
باب نفقة المرأة إذا غاب عنها زوجها
فيه حديث عائشة ﵁[٧: ٨٤، ٢]:
(جاءت هند بنتُ عُتبة فقالت: يا رسول اللهِ، إنَّ أبا سُفيان رجلٌ مسِّيكٌ فهل عليَّ حرجٌ أن أُطعم من الَّذي لهُ عيالنا؟ قال: «لا، إلاَّ بالمعروف»).
قوله ﷺ: «لا» أي لا تطعمي، بدليل قوله: «إلا بالمعروف»، والمعروف هو ما يحمله مثل مال أبي سفيان من الإنفاق على مثل عياله ووقع في بعض الروايات أنها قالت: «بدون إذنه».
ووجه إذن رسول الله ﷺ لها بالإنفاق دون علم أبي سفيان أن الإنفاق المعروف واجب عليه لعياله، فليس له منعهم منه، وأنه لشدة شُحِّه لو توقفوا على إذنه لما أذنهم، ولو شَكوْه إلى الرسول ﷺ في كل حاجة لشق ذلك عليهم، ولَحَدَث بذلك بينه وبينهم شنآن.
ووجه منعه إياها من تجاوز المعروف أن ما زاد على المعروف لا حقَّ لها ولا لعيالها فيه إلا برضا صاحبه.
وقد أقام النبي ﷺ المرأة مقام الوكيل على أبنائها وعيال بيتها؛ لأنها راعية المنزل، فهو لها رخصة.
وبهذا تعلم أن ما رخًّصَهُ النبي ﷺ لهند هو تشريع يعمُّ أمثالها من أزواج الأشحة؛ لأن قوله لها فتوى وتشريع، وهو الأصل فيما يصدر من الرسول ﵊.
ومن ظن أنه قضاء على الغائب فقال: إنه لا يشمل غيرها إلا بعد الرفع إلى
1 / 211