(٦) صوم أبي الدرداء حكيم الأمة وسيد القراء
وامق العبادة، فارق التجارة، داوم على العمل استباقًا، وأحب اللقاء اشتياقًا، تفرّغ من الهموم ففتحت له الفهوم، صاحب الحكم والعلوم (١) .
قال أبو الدرداء: "كنت تاجرًا قبل أن يبعث محمد ﷺ، فلما بعث محمد زاولت العبادة والتجارة فلم يجتمعا، فأخذت في العبادة وتركت التجارة" (٢) .
وفي رواية: "كنت تاجرًا قبل المبعث، فلما جاء الإسلام جمعت التجارة والعبادة فلم يجتمعا، فتركت التجارة ولزمت العبادة" (٣) .
قال ابن إسحاق: كان الصحابة يقولون: أتبعنا للعلم والعمل أبو الدرداء (٤) .
وعن يزيد بن معاوية: أن أبا الدرداء كان من العلماء الفقهاء الذين يشفون من الداء (٥) .
عن أبي جحيفهّ أن رسول الله ﷺ آخى بين سلمان وأبي الدرداء فجاءه سلمان يزوره، فإذا أم الدرداء متبذلة (٦)، فقال: ما شأنك؟ قالت: إن أخاك لا حاجة له في الدنيا، يقوم الليل ويصوم النهار، فجاء أبو الدرداء فرحب به وقرب إليه طعامًا، فقال له سلمان: كل، قال: إني صائم، قال: أقسمت عليك لتفطرن، فأكل معه، ثم بات عنده، فلما كان من الليل، أراد أبو الدرداء أن يقوم، فمنعه سلمان وقال: إن لجسدك عليك حقًّا، ولربك عليك حقًّا، ولأهلك عليك حقًّا، صم، وأفطر، وصل، وائت أهلك، وأعط كل ذي حق حقه، فلما كان وجه الصبح، قال: قم الآن إن شئت؛ فقاما، فتوضأ، ثم ركعا، ثم خرجا إلى الصلاة، فدنا
(١) "الحلية" (١/٢٨) . (٢) "الحلية" (١/٢٩) . (٣) ابن سعد (٧/٣٩١)، قال الهيثمي (٩/٣٦٧): رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. (٤) ابن عساكر (٢/١٣/٣٧١) . (٥) "سير أعلام النبلاء" (٢/٣٤٦) . (٦) أي لابسة ثياب البذلة وهي المهنة.
1 / 117