القول المفيد على كتاب التوحيد
الناشر
دار ابن الجوزي
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
محرم ١٤٢٤هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
أن معاذا أخبر بها تأثما، أي خروجا من إثم الكتمان عند موته، بعد أن مات كثير من الصحابة، وكأنهرضي الله عنهعلم أن النبي ﷺ كان يخشى أن يفتتن الناس بها، ويتكلوا، ولم يرد ﷺ كتمها مطلقا؛ لأنه لو أراد ذلك لم يخبر بها معاذا ولا غيره. ·السادسة عشرة: جواز كتمان العلم للمصلحة: هذه ليست على إطلاقها، إذ إن كتمان العلم على سبيل الإطلاق لا يجوز لأنه ليس بمصلحة، ولهذا أخبر النبي ﷺ معاذا ولم يكتم ذلك مطلقا، وأما كتمان العلم في بعض الأحوال، أو عن بعض الأشخاص لا على سبيل الإطلاق، فجائز للمصلحة، كما كتم النبي ﷺ ذلك عن بقية الصحابة؛ خشية أن يتكلوا عليه، وقال لمعاذ: " لا تبشرهم فيتكلوا " ١. ونظير هذا الحديث قوله ﷺ لأبي هريرة: " بشر الناس أن من قال: لا إله إلا الله خالصا من قلبه دخل الجنة " ٢ بل قد تقتضي المصلحة ترك العمل، وإن كان فيه مصلحة لرجحان مصلحة الترك، كما هم النبي ﷺ أن يهدم الكعبة ويبنيها على قواعد إبراهيم، ولكن ترك ذلك خشية افتتان الناس، لأنهم حديثو عهد بكفر٣. ·السابعة عشرة: استحباب بشارة المسلم بما يسره لقوله: " أفلا أبشر الناس؟ " وهذه من أحسن الفوائد. _________ ١ سبق تخريجه (ص ٤٨) . ٢ من حديث أبي هريرة، رواه: مسلم (كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة، ١/٥٩) . ٣ من حديث عائشة، رواه: البخاري (كتاب الحج، باب فضل مكة، ١/٤٨٧)، ومسلم (كتاب الحج، باب نقض الكعبة ٢/٩٦٩) .
1 / 55