الجامع الصحيح للسيرة النبوية
الناشر
مكتبة ابن كثير
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م
مكان النشر
الكويت
تصانيف
- هذه الحياة التي يحياها الناس والأشياء، وللدّين فيها منهجه الأعم والأشمل الذي استقاه من معين النبوّة، والرسالات الإلهيّة!
- وحياة آتية لا ريب فيها، وللدّين فيها معرفته التي تلقاها عن وحي النبوّة، والرسالات الإلهيّة!
٨ - أعظم شهادة:
وقد قضى خاتم النبيّين ﷺ أربعين سنة من عمره في مكة قبل أن يبعث -كما سيأتي- فكان بين أهلها، يعاملهم في أمور الحياة ليل نهار (١)، وهي الحياة اليوميّة، وما تنطوي عليه من أخذ وعطاء .. ومن شأنها أن تكشف عن أخلاق المرء، فيتبيّن للناس فسادها وصلاحها، وهي عيشة طويل طريقها، كثيرة منعطفاتها، وعرة مسالكها، تعترضها وهدات مما قد يصدر عن المرء من خيانة، وإخفار عهد، وأكل مال بالباطل، وعقبات في الخديعة والخيانة، وتطفيف الكيل، وبخس الحقوق، وإخلاف الوعد .. وقد اجتاز الرسول ﷺ هذه السبل الشائكة الوعرة، وخلص منها سالمًا نقيًّا، لم يصبه شيء مما يصيب عامة الناس، حتى دعوه (الأمين)!
ومع كل هذا خالفه المخالفون أشدّ الخلاف في دعوته، ولم يتركوا سبيلًا إلى ذلك إلا سلكوه، فقاطعوه وعاندوه، وصدّوا عن سبيله، ورموه بالحجارة، وأرادوا قتله، وكادوا له كيدهم!
ولكن لم يجرؤ أحد منهم أن يقول شيئًا في أخلاقه، ولا أن يرميه
_________
(١) الرسالة المحمديّة: ١١٤ وما بعدها بتصرف.
1 / 35