منهج الشيخ عبد الرزاق عفيفي وجهوده في تقرير العقيدة والرد على المخالفين
تصانيف
وقد سلك الشيخ عبد الرزاق عفيفي ﵀ هذا المسلك ودعا إليه وبنى تكوينه العلمي ونهجه الدعوي على هذا الأساس المبارك، وما كلام الشيخ ﵀ وتآليفه وفتاويه إلا أكبر شاهد على سلوكه هذا السبيل واعتصامه بهذا الأصل العظيم من أصول الدين (١).
قال ﵀: "الأدلة متضافرة على وجوب اتباعه ﵊ في كل ما جاء به من التشريع فعلًا كان أو قولًا، أمرًا أو نهيًا، إيمانًا به وتسليمًا له وعملًا بمقتضاه؛ إلاّ أن المتَبع فيه من التشريع ليس على وزن واحد في حكمه، بل جزئياته متفاوتة في الرتبة؛ فمنه المطلوب والممنوع والمباح، فكان واجبًا اتباعه ﵊ في كل ذلك على الوجه الذي بينته الأدلة التفصيلية بإيجاب الواجب وندب المندوب والعمل بكل منهما في درجته، والتوسع في المباح بفعله تارة وتركه أخرى، ومنع المحرم والمكروه وتجنب كل منهما حسب درجته. وبالجملة الأمر ظاهر في وجوب الاتباع والإجمال إنما هو في المتبع فيه فيرجع في بيان درجته إلى الأدلة التفصيلية لينزل على ضوئها كل فعل أو قول منزلته، وهو شبيه في الجملة بقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ...﴾ النحل: ٩٠ الآية" (٢).
قال العلامة ابن القيم ﵀: "والمقصود أن بحسب متابعة الرسول تكون العزة والكفاية والنصرة، كما أن بحسب متابعته تكون الهداية والفلاح والنجاة؛ فالله سبحانه علق سعادة الدارين بمتابعته، وجعل شقاوة الدارين في مخالفته، فلأتباعه الهدى والأمن والفلاح والعزة والكفاية والنصرة والولاية والتأييد وطيب العيش في الدنيا والآخرة، وقد أقسم ﷺ بأن (لا يؤمن أحدكم حتى أكون هو أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين) (٣)، وأقسم الله
_________
(١) ذكر ﵀ في مقدمة كتاب "الإحكام في أصول الأحكام" للآمدي (١/ ١٤): "أن العلماء لهم منازع شتى، ومشارب متباينة، وأسعدهم بالحق من كانت نزعته إلى كتاب الله وسنة رسوله ﷺ، ووسعه ما وسع السلف مع رعاية ما ثبت من مقاصد الشريعة باستقراء نصوصها، فكلمها كان العالم أرعى لذلك وألزم له كان أقوم طريقًا وأهدى سبيلًا، والمعصوم من عصمه الله.
(٢) الإحكام في أصول الأحكام (١/ ٢٣٩ - ٢٤٠)، ينظر: المسألة السادسة من مسائل الأوامر والنواهي في كتاب "الموافقات"للشاطبي.
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الإيمان، باب حب الرسول ﷺ من الإيمان برقم (١٥)، ومسلم في صحيحه، كتاب الإيمان باب وجوب محبة رسول الله ﷺ أكثر من الأهل والولد ... برقم (٤٤)، من حديث أنس بن مالك ﵁ واللفظ للبخاري.
1 / 40