الرابع: حسن إكرام الضيف، فإن لوطا -عليه السلام- عرض أن ينكحوا بناته ليقي ضيفانه.
قيل : وهذا غاية الكرم .
والنظر أن يقال: هل يكون مثل هذا على سبب الوجوب، وأن من عرف أنه يفجر إن لم ينكح هل يجب على الرجل أن يزوجه بناته ؟
وجواب هذا أن يقال لا يجب؛ لأنهم قد قالوا: لا يجب على الابن أن يعف أباه فلم يوجبوا بذل المال لعفة الأب، فكذا بذل نكاح الحرم.
قوله تعالى:
{جعلنا عاليها سافلها}
في الرواية أن جبريل -عليه السلام- اقتلع مدائنهم، ورفعها حتى سمع أهل سماء الدنيا صياح الديكة ونباح الكلاب، ثم ألقاها أي : قلبها.
واختلف أصحاب رسول الله فيمن فعل كفعلهم:
فقيل: يلقى من أعلى حائط, وقيل: يهدم عليه الجدار.
وفي حده وصفته :خلاف مأخذه من غير هذه الآية.
قوله تعالى:
{ولا تنقصوا المكيال والميزان}
هذا نهي عن عدم الإيفاء.
قوله تعالى:
{وياقوم أوفوا المكيال والميزان}
زيادة في التأكيد.
وقوله:{بالقسط} أي : بالعدل، وهو التسوية من غير زيادة ولا نقصان.
قال جار الله: وهذا أمر بما هو الواجب؛لأن الزيادة فضل وندب.
قال: وفي ذلك توقيف: أن على الموفي أن ينوي بإيفائه القسط؛ لأنه وجه حسن الإيفاء، فهذه ثلاثة أشياء:
الأول: أن النهي من عين القبيح، وهو ما كانوا يعتادونه من النقص.
والثاني: الأمر بالإيفاء الذي هو حسن في العقول لزيادة التأكيد.
والثالث: أن يريد بالإيفاء العدل؛ لأنه وجه حسنة.
وقوله تعالى:
{ولا تبخسوا الناس}
البخس :الهضم والنقص، ويقال: للمكس البخس، قال زهير :
وفي كل أسواق العراق إتاوة
وفي كل ما باع امرؤ بخس درهم
وتروي مكس درهم، وكانوا يأخذون من كل شيء يباع كما يفعل السماسرة، أو كانوا يمكسون الناس، أو كانوا ينقصون من أثمان ما يشترون.
صفحة ٦٢