قال في الكشاف: لما قالت الملائكة لإبراهيم: {قالوا إنا مهلكوا أهل هذه القرية} قال: أرأيتم لو كان فيها خمسون رجلا من المؤمنين أتهلكونها؟ فقالوا: لا، قال: فأربعون؟ قالوا: لا، قال: فثلاثون؟ قالوا: لا، حتى بلغ العشرة، قالوا: لا، قال: أرأيتم لو كان فيها رجل واحد مسلم أتهلكونها؟ قالوا: لا، فعند ذلك قال:{إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله}.
الخامسة: تعلق بقوله: {لحليم أواه} وقد تقدمت.
قوله تعالى:
{قال يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم فاتقوا الله ولا تخزوني في ضيفي أليس منكم رجل رشيد}
دلت على أحكام:
الأول: تحريم فعل قوم لوط من إتيان الذكور، وذلك معلوم بالاضطرار من الدين، أما لو كان مملوكا فنص جملة العلماء على تحريمه.
الحكم الثاني: أن المشروع في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر : البداية بالأيسر، فتبدأ بالقول اللين قبل غيره.
الثالث: جواز نكاح المؤمنة بالكافر، وكان هذا في شريعتهم؛ لأنه عرض عليهم نكاح بناته، وكان هذا جائزا في ابتداء شريعتنا، ولهذا فإنه زوج بنته زينب من أبي العاص بن الربيع وكان مشركا، وزوج من ابني أبي لهب عتبة وعتيبة.
قال في السفينة: كانت أم كلثوم ورقية تحت ابني أبي لهب ففارقاهما فتزوج عثمان بهما واحدة بعد أخرى.
قال الحاكم: وهذا هو الظاهر.
وقيل: عرض عليهم؛ بشرط الإيمان، عن الأصم، والزجاج، والأول هو الظاهر، وقد فسر به الزمخشري، لكنه منسوخ بقوله تعالى في سورة الممتحنة:{لا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن} وهذا إجماع أن الكافر أي : كفر كان لا ينكح مؤمنة، سواء كان حربيا أو كتابيا، وكذا المجبرة على قول من كفرهم.
وقال الإمام يحيى في موضع: يجوز مناكحتهم عند من كفرهم، وهو محتمل.
صفحة ٦١