{فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين}
قيل: نزلت في جد بن قيس، ومعتب بن قشير،وأصحابهما وكانوا ثمانين رجلا من المنافقين، فقال حين قدم المدينة: ((لا تجالسوهم ولا تكلموهم)).
وقيل : جاء عبد الله بن أبي يحلف لا يتخلف عنه أبدا.
وقد دلت على أحكام:
الأول: وهي لزوم الاستخفاف بالكافر؛ لأن المعنى فأعرض عنهم إعراض استخفاف.
وقيل: فأعرضوا كما قصدوا أنهم لا يؤبون ولا يعاتبون فلا تعاتبوهم؛ لأن العتاب لا يجدي فيهم ؛ لأنهم رجس : أي نجس، فمعاتبتهم كمعالجة النجس وتقليبه؛ فإنه لا يزداد إلا نتنا.
ومن أمثالهم إنما يعاتب الأديم ذو البشرة. والمعاتبة المعاودة، أي : إنما تعاد إلى الدباغ ما سلمت بشرته.
وبشره الأديم طاهرة :تضرب مثلا لمن ينفع فيه العتاب، وهذا دليل على أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا عرف أنه لا يؤثر أنه يكون منهي عنه، وفي هذا قولان للفقهاء:
أحدهما: أنه لا يحسن؛ لأنه يكون عبثا.
والثاني: اختاره في الانتصار أنه لا يجب ويبقي الحسن لقوله تعالى في سورة الأعراف: {لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا قالوا معذرة إلى ربكم}.
الحكم الثالث من الأحكام: أن الكافر نجس؛ لأنه تعالى وصفهم أنهم رجس، والرجس النجس، وهذا قول الهادي, والناصر., والقاسم, ومالك.
وقال المؤيد بالله ,والمنصور بالله, وأبو حنيفة ,والشافعي,: إن الكافر طاهر، وإنما المراد وصفهم بالرجس لخساستهم، وهذا الذي صححه الأمير الحسين، وقد تقدم ذكر ذلك.
صفحة ٣٨