تسبيح الله ذاته العلية في آيات كتابه السنية
الناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
العدد ١١٩-٣٥
سنة النشر
١٤٢٣هـ/٢٠٠٣م
تصانيف
المبحث التاسع
في آية سورة الزخرف:
قال الله تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ. سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾ i.
مطلب: في بيان الآية السابقة للتسبيح:
- في الآية السابقة لتسبيح الله ذاته الشريفة يأمر الله رسوله محمدًا ﷺ أن يقول قولًا للمشركين يلزمهم به الحجة في زعمهم أنّ لله ولدًا فقال سبحانه: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ﴾ وقد اختلف المفسرون في معنى هذه الآية الكريمة المبنيّ على معنى (إن) فيها هل هي شرطية أم للنفي؟ وأحسب أنّ ما رجحه ابن جرير الطبري -رحمه الله تعالى- هو أقوى الأقوال وأولاها بالصواب اعتمادًا على أن (إنْ) للشرط لا للنفي، ذلك أنّها لو كانت للنفي لم يكن للكلام كبير معنى لأنّه يصير بمعنى. قل ما كان للرحمن ولد؛ وإذا صار بذلك المعنى أوهم أهل الجهل من أهل الشرك أنّه إنما نفى بذلك عن الله ﷿ أن يكون له ولد قبل بعض الأوقات ثمّ أحدث له الولد. (قاله الطبري) ii.
وعلى معنى (إنْ) للشرط؛ فإن أقرب مُرادٍ للآية وهو ما رجحه الطبري وغيره وهو الظاهر من الآية: أي إن كان له ولد في قولكم وعلى زعمكم فأنا أول من عبد الله وحده منكم؛ لأنّ من عبد الله وحده فقد دفع أن يكون له
_________
i سورة الزخرف: الآيتان (٨١-٨٢) .
ii تفسير الطبري: ج٢٥ ص٦١.
1 / 95