تسبيح الله ذاته العلية في آيات كتابه السنية
الناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
العدد ١١٩-٣٥
سنة النشر
١٤٢٣هـ/٢٠٠٣م
تصانيف
المبحث السابع
في آية سورة الأنبياء:
قال الله تعالى: ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ. لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ. وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ﴾ i.
مطلب: في بيان موضع التسبيح وآيته وصلته بما بعده:
- في آية التسبيح أخبر الله ﷿ عن مقولة المشركين باتخاذه ولدًا، ويقصدون بذلك الملائكة حيث جعلوهم بنات الله -كما سبق بيان ذلك فيما قبل- قال تعالى: ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا﴾ .
- وبعد ذِكْره تعالى لمقالتهم هذه نزه ذاته الكريمة عنها فقال: ﴿سُبْحَانَهُ﴾؛ استعظامًا ممّا قالوا وتبرّؤًا مما وصفوه به، ثمّ ردّ عليهم بما يبطلها ويبيّن نزاهته عنها إذ قال عزّ شأنه: ﴿بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ﴾ .
-وابتداء الردّ عليهم بحرف (بل) لإفادة الإضراب عن مقالتهم تمهيدًا لإبطالها بما سيأتي بعدها. وكأنّه قيل: ليست الملائكة كما قالوا بل هم عباد له -تعالى- مقرّبون عنده. وهذه حجة في انتفاء بنوّة الملائكة لله -كما سبق بيانها-؛ لأنّ العبودية تنافي الولدية ii.
قال الجمل في حاشيته على الجلالين: "قوله: "والعبودية تنافي الولادة" هذا إمّا بحسب المعتاد الذي لا يتخلّف عند العرب من كون عبد الإنسان لا يكون
_________
i سورة الأنبياء: الآيات (٢٦-٢٩) .
ii انظر: تفسير الطبري ج١٧ ص١٢؛ تفسير ابن كثير ج٣ ص١٧٦؛ البحر المحيط لأبي حيان ج٦ ص٣٠٧؛ أضواء البيان للشنقيطي.
1 / 88