تسبيح الله ذاته العلية في آيات كتابه السنية
الناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
العدد ١١٩-٣٥
سنة النشر
١٤٢٣هـ/٢٠٠٣م
تصانيف
المبحث الرابع
في آية سورة يونس ﵇:
قال الله تعالى: ﴿قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾ i.
مطلب: في بيان التسبيح وصلته بما قبله وبما بعده:
لمّا أخبر الله ﷿ عن قول مشركي العرب ii باتخاذ iii الله ولدًا نزه ذاته العلية عمّا قالوا فقال: ﴿سُبْحَانَهُ﴾، ثم برهن عن ذلك بثلاثة براهين على ما يلي:
- البرهان الأول: قوله تعالى: ﴿هُوَ الْغَنِيُّ﴾ أي الموصوف بالغنى المطلق، ذلك أنّ الإلهية تقتضي الغنى المطلق عن كلّ احتياج إلى مُكمِّل نقص في الذات أو الصفات أو الأفعال. فالله ﷾ له الغنى المطلق؛ وأنواع الغنى
_________
i سورة يونس: الآية (٦٨) .
ii الضمير في قوله: ﴿قَالُوا﴾ راجع إلى المشركين من أهل مكة والعرب الذين قالوا إنّ الملائكة بنات الله، وليس المراد من الضمير غيرهم من النصارى لأنّ السورة مكية والقرآن المكي لم يتصدّ لإبطال زيغ عقائد أهل الكتاب. (انظر تفسير البغوي ج ٢ ص٣٦١) .
iii الاتخاذ: جعل شيء لفائدة الجاعل، وهو مشتق من الأخذ لأن المتخذ يأخذ الشيء الذي يصطفيه، فالاتخاذ يصدق على أخذ شيء موجود للاستئثار به، ويصدق على تكوين شيء للانتفاع به، وهو هنا صالح للمعنيين لأنّ منهم من يعتقد تولّد الولد عن الله، ومنهم من يعتقد أنّ الله تبنّى بعض مخلوقاته (التحرير والتنوير ج١١ ص٢٢٩) .
1 / 79