تسبيح الله ذاته العلية في آيات كتابه السنية
الناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
العدد ١١٩-٣٥
سنة النشر
١٤٢٣هـ/٢٠٠٣م
تصانيف
المبحث الثاني
في آية سورة النِّساء:
قال الله تعالى: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا﴾ . ١.
مطلب: في بيان ما قبل التسبيح:
- في هذه الآية الكريمة ينهى الله ﷿ أهل الكتاب من النصارى خاصة عن الغلوّ والإطراء ومجاوزة الحدّ، وهذا كثير فيهم حيث رفعوا عيسى ﵇ فوق المنزلة التي أعطاه الله إيّاها، فنقلوه من حيّز النبوة إلى الألوهية، بل قد غلوا في أتباعه وأشياعه فادّعوا فيهم العصمة واتبعوهم في كل ما قالوه وذلك قوله ﷿: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ﴾ .. ونهاهم أيضًا ألاّ يفتروا عليه ويجعلوا له صاحبة وولدًا وهو قوله: ﴿وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ﴾، ولهذا قال بعده ﴿إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ﴾ . أي إنّما هو عبد من عباد الله، وخلق من خلقه قال له كن فكان، رسول من رسله وكلمته ألقاها إلى مريم أي خلقه بالكلمة التي أرسل بها جبريل ﵇ إلى مريم فنفخ فيها من روحه بإذن ربّه ﷿، وكانت تلك النفخة التي نفخها في جيب درعها فنزلت حتى ولجت فرجها بمنزلة لقاح الأب والأم والجميع مخلوق لله ﷿ فهو مخلوق من روح مخلوقة، وإضافة الروح إلى الله على وجه التشريف.
_________
١ سورة النساء: الآية (١٧١) .
1 / 72