وقال السيوطي في شرح الشواهد أن اسمه عروة بن قيس وأنه ولع بجارية من العرب فزوجوه بها بشفاعة الحسين بن علي فأقام معها مدة وكانت أمه تقسم عليه أن يفارقها وهو يقول لها أخاف تلاف نفسي فلم ترض فلما كان يوم حر شديد وقفت حافية على الرمل وأقسمت لا تزول أو يفارق عروة الجارية ففارقها رفقًا بأمه فجعل يزداد به الوجد حتى امتنع من الطعام والشراب وعاود أهلها فأبوا عليه فأقام أيامًا وحمل كما ذكر الكعبة فلم يغن عنه فلما عادوا به توفي في الطريق.
وحكي أن الأحوص بن جعفر الشاعر المشهور كان يهوى أخت زوجته ولا يفصح باسمها وفي الأمالي أن اسمها نخلة فتزوجت برجل من العرب اسمه مطر فاشتد بالأحوص الغرام فباح به وأنشد:
أإن نادى هديلًا ذات فلج ... مع الأشواق في فنن حمام
ظللت كأنّ دمعك درسلك ... هوى نسقًا وأسلمه النظام
تموت تشوّقًا طربًا وتحيا ... وأنت جوى بدائك مستهام
كأنك من تذكر أم حفص ... وحل وصالها خلق رمام
صريع مدامة غلبت عليه ... تموت لها المفاصل والعظام
وإني من بلادك أم حفص ... سقى بلدًا تحليه الغمام
أحل النعف من أحد وأدني ... مساكنها الشبيكة أو سنام
سلام الله يا مطر عليها ... وليس عليك يا مطر السلام
فلا غفر الإله لمنكحيها ... ذنوبهم وإن صلوا وصاموا
كأن المالكين نكاح سلمي ... غداة يرومها مطر نيام
فإن يكن النكاح أحل شيء ... فإنّ نكاحها مطر احرام
فلو لم ينكحو الاكفاء ... لكان كفيئها الملك الهمام
فطلقها فلست لها بكفء ... والاعض مفرقك الحسام
وساق في المطرب الحكاية بعينها إلا أنه زاد بيتًا في الأول وهو:
ألا يا نخلة من ذات عرق ... عليك ورحمة الله السلام
وقال في البيت الأخير والايعل مفرقك بدل عض. وأخرج أبو الفرج الأصفهاني عن زياد بن غطفان قال كنا بباب الولاة وإذا بإعرابي ينادي من أراد أن يسمع العجائب فليدن مني فدنوت منه وإذا هو الرماح بن مالك القيسي فقلت ما عندك فقال اعلم أني علقت امرأة يقال لها أم جحدر فاتصلت بها وطال الأمر وإني عتبتها يومًا فقلت لها الوصل عليك مردود فقالت ما قضى الله فهو خير وارتحلوا عنا وطال الأمر وراجعني الشوق فنذرت مراجعتها إن دنت دارها فلما كان ذلك خرجت أتصفح احياء العرب حتى وجدت امرأتين أمام البيت في كساء فسلمت عليهما ردت إحداهن وسألت عن شأني فأخبرتها فأشارت لي بدخول بيت فدخلت وإذا الساكنة أم جحدر وقامت لتدخل إلي وإذا بغراب ينعق فتغيرت فأقسمت عليها إلا ما أخبرتني عن تغيرك فقالت إن الغراب يخبرني أن لا اجتماع ففارقتها وغدوت لما أصبح النهار فأخبرتني امرأة أخيها أن شاميًا خطبها إلى أهلها فزوجوه بها فجئت بالقرب من خبائها مترددًا أيامًا إلى أن مضى بها فكنت أنشد:
أجارتنا أن الخطوب تنوب ... عليّ وبعض الآمنين تصيب
أجارتنا لست الغداة ببارح ... ولكن مقيم ما أقام عسيب
فإن تسأليني هل صبرت فإنني ... صبور على ريب الزمان صليب
جرى بانبتات الحبل من أم جح ... در ظباء وطير بالفراق نعوب
نظرت فلم أعيف وعافت وبينت ... لها الطير قبلي واللبيب لبيب
فقالت حرام أن نرى بعد يومنا ... جميعين إلا أن يلم غريب
أجارتنا صبرًا فيا رب هالك ... تقطع من وجد عليه قلوب
1 / 26