تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد
محقق
زهير الشاويش
الناشر
المكتب الاسلامي،بيروت
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٣هـ/٢٠٠٢م
مكان النشر
دمشق
تصانيف
العقائد والملل
عمرو، والحارث بن هشام. إنما دعا عليهم رسول الله ﷺ لأنهم رؤساء المشركين يوم أُحد، والسبب في تلك الأفاعيل التي جرت على سيد المرسلين ﷺ هم وأبو سفيان، ومع ذلك فما استجيب له فيهم، بل أنزل الله عليه: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ﴾ ١. فتاب الله عليهم وآمنوا، مع أنهم فعلوا أشياء لم يفعلها أكثر الكفار، منها غزوهم نبيهم ﷺ في بلاده، وشجهم له، وكسر رباعيته، وقتلهم بني عمهم المؤمنين، وقتلهم الأنصار والتمثيل بقتلى المسلمين، وإعلانهم بشركهم وكفرهم، ومع هذا كله لم يقدر النبي ﷺ أن يدفعهم عن نفسه، ولا عن أصحابه، كما قال تعالى:: ﴿قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَدًا قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا إِلاَّ بَلاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالاتِهِ﴾ ٢. بل لجأ ﷺ إلى ربه المالك القادر على النفع والضر وإهلاكهم، ودعا عليهم ﷺ في الصلاة المكتوبة جهرا، وخلفه سادات الأولياء يُؤَمِّنون على دعائه، ومع هذا كله ما استجاب الله له فيهم، بل تاب عليهم وآمنوا، فلو كان عنده ﷺ من النفع والضر شيء لكان يفعل بهم ما يستحقونه على هذه الأفعال العظيمة، ولكن الأمر كما قال تعالى: ﴿هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ ٣. فأين هذا مما يعتقده عباد القبور في الأولياء والصالحين بل في الطواغيت الذين يسمونهم المجاذيب والفقراء أنهم ينفعون من دعاهم، وينصرون من لاذ بحماهم، ويدعونهم برًّا وبحرًا في غيبتهم وحضرتهم.
[إنذاره ﵊ لأقاربه وعشيرته]
قال: وفيه عن أبي هريرة قال: "قام رسول الله ﷺ حين أنزل الله عليه" ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ﴾ ٤. قال: يا معشر قريش أو كلمة نحوها اشتروا أنفسكم لا أغني عنكم من الله شيئًا، يا عباس بن عبد المطلب لا أغني عنك من الله شيئًا، يا صفية عمة رسول الله ﷺ لا أغني عنك من الله شيئًا، ويا فاطمة بنت محمد سليني من مالي ما شئت لا أغني عنك من الله شيئًا".
١ سورة آل عمران آية: ١٢٨. ٢ سورة الجنّ آية: ٢١-٢٣. ٣ سورة إبراهيم آية: ٥٢. ٤ سورة الشّعراء آية: ٢١٤. البخاري: الوصايا (٢٧٥٣)، ومسلم: الإيمان (٢٠٦)، والنسائي: الوصايا (٣٦٤٦،٣٦٤٧)، وأحمد (٢/٣٥٠،٢/٣٩٨)، والدارمي: الرقاق (٢٧٣٢) .
1 / 213