طوق الحمامة في الألفة والألاف
محقق
د. إحسان عباس
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٩٨٧ م
كان فنون السخط ممن أحبه ... " خلايا سفين بالنواصف من دد " كأن انقلاب الهجر والوصل مركب ... " يجور به الملاح طورًا ويهتدي " فوقت رضى يتلوه وقت تسخط ... " كما قسم الترب المفايل باليد " ويبسم نحوي وهو غضبان معرض ... " مظاهر سمطي لؤلؤ وزبرجد " ٣ - ثم هجر يوجبه العتاب لذنب يقع من المحب، وهذا فيه بعض الشدة، لكن فرحة الرجعة وسرور الرضى يعدل ما مضى، فإن لرضى المحبوب بعد سخطه لذة في القلب لا تعدلها لذة، وموقعا من الروح لا يفوقه شيء من أسباب الدنيا.
وهل شاهد مشاهد أو رأت عين أو قام في فكر ألذ وأشهى من مقام قد قام عنه كل رقيب، وبعد عنه كل بغيض، وغاب عنه كل واش، واجتمع فيه محبان قد تصارما لذنب وقع من المحب منهما، وطال ذلك قليلًا، وبدأ بعض الهجر، ولم يكن ثم مانع من الإطالة للحديث، فابتدأ المحب في الاعتذار والخضوع والتذلل والادلاء بحجته الواضحة من الإدلال والإذلال والتذمم بما سلف، فطورًا يدل ببراءته، وطورًا يرد بالعفو ويستدعي المغفرة ويقر بالذنب ولا ذنب له، والمحبوب في كل ذلك ناظر إلى الأرض يسارقه اللحظ الخفي، وربما أدامه فيه، ثم يبسم مخفيًا لتبسمه، وذلك علامة الرضى، ثم ينجلي مجلسهما عن قبول العذر، وتقبل القول، وامتحت ذنوب النقل، وذهبت آثار السخط، ووقع الجواب بنعم وذنبك مغفور، لو كان، فكيف ولا ذنب؛ وختما أمرهما بالوصل الممكن وسقوط العتاب والإسعاد، وتفرقا على هذا - هذا مكان تتقاصر دونه الصفات وتتلكن بتحديده الألسنة.
1 / 195