توجيه النظر إلى أصول الأثر
محقق
عبد الفتاح أبو غدة
الناشر
مكتبة المطبوعات الإسلامية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٦ هجري
مكان النشر
حلب
تصانيف
علوم الحديث
وَقَالَ عضهم لَا يقبل خبر الْكَافِر لوُجُوب التثبت عِنْد خبر الْمُسلم الْفَاسِق فليزم بطرِيق الأولى عدم اعْتِبَار خَبره وَقيل إِن الْفَاسِق يَشْمَل الْكَافِر وَأما قبُول شَهَادَته فِي الْوَصِيَّة مَعَ أَن الرِّوَايَة أَضْعَف من الشَّهَادَة فَذَلِك بِنَصّ خَاص وَيبقى الْعَام مُعْتَبرا فِي الْبَاقِي
وَقد أبان بَعضهم سَبَب رد رِوَايَة الْكَافِر بطرِيق سهل المسلك فَقَالَ لَيْسَ الْإِسْلَام بِشَرْط لثُبُوت الصدْق إِذْ الْكفْر لَا يُنَافِي الصدْق لِأَن الْكَافِر إِذا كَانَ مترهبا عدلا فِي دينه مُعْتَقدًا لحُرْمَة الْكَذِب تقع الثِّقَة بِخَبَرِهِ كَمَا لَو أخبر عَن أَمر من أُمُور الدُّنْيَا بِخِلَاف الْفَاسِق فَإِن جراءته على فعل الْمُحرمَات مَعَ اعْتِقَاد تَحْرِيمهَا تزيل الثِّقَة عَن خبْرَة
وَلَكِن اشْتِرَاط الْإِسْلَام بِاعْتِبَار أَن الْكفْر يُورث تُهْمَة زَائِدَة فِي خَبره تدل على كذبه لِأَن الْكَلَام فِي الاخبار الَّتِي تثبت بهَا أَحْكَام الشَّرْع وهم يعادوننا فِي الدّين أَشد الْعَدَاوَة فتحملهم المعاداة على السَّعْي فِي هد أَرْكَان الدّين بِإِدْخَال مَا لَيْسَ مِنْهُ فِيهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الله تَعَالَى فِي قَوْله عز ذكره ﴿لَا يألونكم خبالا﴾ أَي لَا يقصرون فِي الْإِفْسَاد عَلَيْكُم
وَقد ظهر مِنْهُم هَذَا بطرِيق الكتمان فَإِنَّهُم كتوا نعت رَسُول الله ﷺ ونبوته من كِتَابهمْ بعد أَخذ الْمِيثَاق عَلَيْهِم بِإِظْهَار ذَلِك فَلَا يُؤمن من ان يقصدوا مثل ذَلِك بِزِيَادَة هِيَ كذب لَا أصل لَهُ بطرِيق الرِّوَايَة بل هَذَا هُوَ الظَّاهِر فَلهَذَا شرطنا الْإِسْلَام فِي الرَّاوِي
فَتبين بِهَذَا ان رد خبر الْكَافِر لَيْسَ لعين الْكفْر بل لِمَعْنى زَائِد يُمكن تُهْمَة الْكَذِب فِي خَبره وَهُوَ المعاداة بِمَنْزِلَة شَهَادَة الْأَب لوَلَده فَإِنَّهَا لَا تقبل لِمَعْنى زَائِد يُمكن تُهْمَة الْكَذِب فِي شَهَادَته وَهُوَ الشَّفَقَة والميل إِلَى الْوَلَد طبعا اهـ
1 / 146