فجلس بحيث اسمع كلامه فلما استقر به المجلس إذ من اصحابه قد جاء فجلس إليه فتكلم ابن أبي العوجاء فقال لقد بلغ صاحب هذا القبر العز بكماله وحاز الشرف بجميع خصاله ونال الحظوه في كل احواله فقال له صاحبه انه كان فيلسوفا ادعى المرتبة العظمى والمنزلة الكبرى وأتى على ذلك بمعجزات بهرت العقول وضلت فيها الاحلام وغاصت الألباب على طلب علمها في بحار الفكر فرجعت خاسئات وهي حسر فلما استجاب لدعوته العقلاء والفصحاء والخطباء دخل الناس في دينه أفواجا فقرن اسمه باسم ناموسه فصار يهتف به على رؤوس الصوامع في جميع البلدان والمواضع التي انتهت إليها دعوته وعلتها كلمته وظهرت فيها حجته برا وبحرا سهلا وجبلا في كل يوم وليله خمس مرات مرددا في الاذان والاقامه ليتجدد في كل ساعه ذكره ولئلا يخمل امره فقال ابن أبي العوجاء دع ذكر محمد (صلى الله عليه وعلى آله) فقد تحير فيه عقلي وضل في أمره فكرى وحدثنا في الاصل الذي نمشي له ثم ذكر إبتداء الأشياء وزعم ذلك باهمال لا صنعة فيه ولا تقدير ولا صانع ولا مدبر بل الأشياء تتكون من ذاتها بلا مدبر وعلى هذا كانت الدنيا لم تزل ولا تزال !
---
= ويتحدث في التعديل والتجوير على ما يذكر البيروني. ومن هنا يتبين ان ابن أبي العوجاء هذا كان زنديقا مشهورا بذلك. وله مواقف حماسة مع الإمام الصادق، أفحمه الإمام في كل مرة منها، سجنه والي الكوفة محمد بن سليمان ثم قتله في أيام المنصور عام 155 ه، وقيل عام 160 ه في أيام المهدي تجد ذكره في تاريخ الطبري ج 3 ص 375 ط ليدن، وفهرست ابن النديم ص 338، والفرق بين الفرق ص 255 ط محمد بدر، ودائرة المعارف الاسلامية مج 1 ص 81، واحتجاج الطبرسي ص 182 و183 ط النجف، وما للهند من مقولة ص 123. 1 - الناموس: الشريعة.
--- [ 7 ]
صفحة ٦