العظام واللحم والشحم والعصب والمخ والعروق والغضاريف (1) فإذا خرج إلى العالم تراه كيف ينمو بجميع اعضائه وهو ثابت على شكل وهيئة لا تتزايد ولا تنقص إلى أن يبلغ اشده ان مد في عمره أو يستوفى مدته قبل ذلك هل هذا إلا من لطيف التدبير والحكمة (اختصاص الإنسان بالإنتصاب والجلوس دون البهائم) انظر مفضل ما خص به الانسان في خلقه تشرفا وتفضلا على البهائم فانه خلق ينتصب قائما ويستوى جالسا ليستقبل الاشياء بيديه وجوارحه ويمكنه العلاج والعمل بهما فلو كان مكبوبا على وجهه كذوات الأربع لما استطاع أن يعمل شيئا من الأعمال (تخصص الإنسان بالحواس وتشربها دون غيره) انظر الآن يا مفضل إلى هذه الحواس (2) التي خص بها الانسان في خلقه وشرف بها على غيره كيف جعلت العينان في الرأس كالمصابيح فوق المنارة ؟ ليتمكن من مطالعة الأشياء ولم تجعل في الاعضاء التي تحتهن كاليدين والرجلين فتعترضها الآفات ويصيبها من مباشرة العمل والحركة ما يعللها ويؤثر فيها وينقص منها ولا في الاعضاء التي وسط البدن كالبطن والظهر فيعسر تقلبها واطلاعها نحو الأشياء
---
(1) الغضاريف: جمع غضروف وهو كل عظم رخص لين. (2) هي الأعضاء التي تؤمن مناسباتنا مع المحيط الخارجي، وهي خمسة أعضاء اللمس والذوق والشم والبصر والسمع.
--- [ 22 ]
صفحة ٢١