واجمل عاقبة فهكذا يجوز ان في كثير من الأشياء منافع لا يعرفها القائلون بالاهمال ولو عرفوا ذلك لم يقضوا على الشئ انه لا منفعة من اجل انهم لا يعرفونه ولا يعلمون السبب فيه فإن كل ما لا يعرفه المنكرون يعلمه العارفون (1) وكثيرا ما يقصر عنه على المخلوقين محيط به علم الخالق جل قدسه وعلت كلمته فأما ما يسيل من أفواه الأطفال من الريق ففى ذلك خروج الرطوبة التي لو بقيت في ابدانهم لأحدثت عليهم الأمور العظيمة كمن تراه قد غلبت عليه الرطوبة فأخرجته إلى حد البله والجنون والتخليط إلى غير ذلك من الأمراض المتلفة كالفالج (2) اللقوة (3) وما اشبههما فجعل الله تلك الرطوبة تسيل من أفواههم في صغرهم لما لهم في ذلك من الصحة في كبرهم فتفضل على خلقه بما جهلوه ونظر لهم بما لم يعرفوه ولو عرفوا نعمه عليهم لشغلهم ذلك من التمادي في معصيته فسبحانه ما اجل نعمته واسبغها على المستحقين وغيرهم من خلقه تعالى عما يقول المبطلون (4) علوا كبيرا (آلات الجماع وهيئتها) انظر الآن يا مفضل كيف جعلت آلات الجماع في الذكر والأنثى جميعا على ما يشاكل ذلك عليه فجعل للذكر آلة ناشره تمتد حتى تصل النطفة (5) إلى
---
(1) أي أن ذلك مما لا يقصر عن ادراكه ذو العلم والفهم. (2) الفالج: داء يحدث في أحد شقي البدن، فيبطل احساسه وحركته. (3) اللقوة: - بفتح فسكون - داء يصيب الوجه ، يعوج منه الشدق إلى أحد جانبي العنق، جمعه لقاء والقاء. (4) يقال: أبطل أي جاء بالباطل. (5) النطفة: ماء الرجل أو المرأة، والجمع نطاف ونطف.
--- [ 18 ]
صفحة ١٧