توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم
الناشر
مركز عبد العزيز بن عبد الله الراجحي
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٩ هـ - ٢٠١٨ م
تصانيف
بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ: «بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْسٍ»
[١٦] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ- يَعْنِي: سُلَيْمَانَ بْنَ حَيَّانَ الأَحْمَرَ- عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «بُنِيَ الإِسْلَامُ عَلَى خَمْسَةٍ، عَلَى أَنْ يُوَحَّدَ اللَّهُ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصِيَامِ رَمَضَانَ، وَالْحَجِّ»، فَقَالَ رَجُلٌ: الْحَجِّ، وَصِيَامِ رَمَضَانَ؟ قَالَ: لا، صِيَامِ رَمَضَانَ، وَالْحَجِّ، هَكَذَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
في هذا الحديث: بيان أركان الإسلام الخمسة، وهو حديث اتفق عليه الشيخان عن ابن عمر ﵄.
وقوله: «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسَةٍ، عَلَى أَنْ يُوَحَّدَ اللَّهُ» هذا يفسر ما جاء به جبريل ﵇ «شَهَادَة أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ»، بأن المراد بها: التوحيد، فلو قالها بلسانه، وخالفها بفعاله فوقع في عمل الشرك، فلا تنفعه، فلا بد أن يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ينطق بها بلسانه، ويلتزم بالتوحيد، ويبتعد عن الشرك؛ لأن الروايات يفسر بعضها بعضًا.
وقوله: «الْحَجِّ، وَصِيَامِ رَمَضَانَ؟ قَالَ: لا، صِيَامِ رَمَضَانَ، وَالْحَجِّ، هَكَذَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ): فيه دليل لمن قال: لا تجوز الرواية بالمعنى، بل باللفظ، ولكن قد يقال: إن المعنى هنا مختلف؛ لأن الصوم مقدم على الحج، وهو الركن الرابع.
ثم إن العلماء اختلفوا في إنكار ابن عمر ﵄ على الرجل الذي قدَّم الحج، مع أن ابن عمر ﵄ رواه كذلك، كما وقع في الطريقين المذكورين، والأظهر- والله أعلم-: أنه يحتمل أن ابن عمر ﵄ سمعه من النبي ﷺ
1 / 73