سابعا: قد لا يكون من الصدفة اقتران ذكر الوضع بالسحور والفطور كما في معظم الروايات، وقد يكون فيه إشارة إلى ما بين الفطور والسحور من التهجد والنوافل.
وقد لا يكون من الصدفة التأكيد على أن ذلك من أخلاق الأنبياء أو من سننهم، فهم أكثر الناس تهجدا وتعبدا لله.
ثامنا: أنه قد روي ذلك عن علي عليه السلام، ذكر ذلك ابن حزم، وقد تقدم.
وعلق البخاري تلك الرواية بصيغة الجزم، وهو وإن لم يقل: إذا طول، فإنه ذكرها في باب الاستعانة في الصلاة. وقد تقدم الكلام عن هذه الرواية.
تاسعا: أنه لما كان المقصود بوضع اليد على اليد الاستراحة، روي عن بعضهم أنه وضع يسراه على يمناه كما في حديث ابن مسعود وجابر، وذلك يدل على أنه لم يكن في ذلك شيء مشروع، ولكن للمتنفل أن يضع إحدى يديه على الأخرى للاستراحة، كما يمكنه أن يعتمد على جدار أو يتنفل من قعود. وما فعله النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث من تغير وضع اليدين بحيث جعل اليمنى على اليسرى إنما يدل على أن من أراد وضع إحدى يديه على الأخرى فإنه يستحب له التيمن بأن يضع اليمنى على اليسرى، كما يأخذ ويأكل ويشرب بيمينه.
*****
بهذا ينتهي هذا البحث المتواضع، ولايسعني في آخره إلا أن أدعو جميع من اطلع على كتابي هذا إلى الإنصاف والبعد عن التعصب وحمل الآخرين على السلامة واحتمال أن يكون لهم دليل فيما يذهبون إليه، مؤكدا أنني ما طرقت هذا الموضوع إلا طلبا للأجر عند الله وبحثا عن الحقيقة، ولأبين للمتعصبين أن كل إمام من أئمة الفقه لا يختار شيئا إلا بناء على دليل فيما يذهب إليه، وأن مقلديه والعاملين بفقهه مستندين من خلاله إلى دليل من الكتاب والسنة وإن لم يطلعوا عليه.
فهل آن لنا أن يقبل بعضنا بعضا ونظهر حسن النية ونتبادل الاحترام فيما بيننا، ونتجنب الدعوة بإلحاح إلى المسائل المختلف فيها ؟ أرجو أن يكون ذلك قد آن.
صفحة ٨٧