وفي الحديث الآخر: =اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره+(64).
فهذا التعميم، وهذا الشمول؛ لتأتي التوبة على ما علمه العبد من ذنوبه، وما لم يعلمه(65).
3_ ترك التوبة؛ مخافة الرجوع للذنوب: فمن الناس من يرغب في التوبة، ولكنه لا يبادر إليها؛ مخافة أن يعاود الذنب مرة أخرى.
وهذا خطأ؛ فعلى العبد أن يتوب إلى الله، فلربما أدركه الأجل وهو لم ينقض توبته.
كما عليه أن يحسن ظنه بربه_جل وعلا_ويعلم أنه إذا أقبل على الله أقبل الله عليه، وأنه_تعالى_عند ظن عبده به.
فعن أبي هريرة÷عن النبي"أنه قال: =قال الله_عز وجل_: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حين يذكرني+(66).
ثم إن على التائب إذا عاد إلى الذنب أن يجدد التوبة مرة أخرى وهكذا...
عن أبي هريرة÷عن النبي"فيما يحكي عن ربه_عز وجل_قال: =أذنب عبد ذنبا فقال: اللهم اغفر لي ذنبي، فقال_تبارك وتعالى_: أذنب عبدي ذنبا، فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب اغفر لي ذنبي، فقال_تبارك وتعالى_: عبدي أذنب ذنبا، فعلم أن له ربا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، ثم عاد، فأذنب، فقال: أي رب اغفر لي ذنبي، فقال_تبارك وتعالى_: أذنب عبدي ذنبا، فعلم أن له ربا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، اعمل ما شئت؛ فقد غفرت لك+(67).
قال النووي×في معنى الحديث: =قوله_عز وجل_للذي تكرر ذنبه: =اعمل ما شئت؛ فقد غفرت لك+ معناه: ما دمت تذنب، ثم تتوب غفرت لك+(68).
4_ ترك التوبة؛ خوفا من لمز الناس: فمن الناس من تحدثه نفسه بالتوبة، ولزوم الاستقامة، ولكنه يخشى لمز بعض الناس، وعيبهم إياه، ووصمهم له بالتشدد والوسوسة، ونحو ذلك مما يرمى به بعض من يستقيم على أمر الله، حيث يرميه بعض الجهلة بذلك؛ فيقصر عن التوبة؛ خوفا من اللمز والعيب.
وهذا خطأ فادح؛ إذ كيف يقدم خوف الناس على خوف رب الناس؟ وكيف يؤثر الخلق على الحق؟ فالله أحق أن يخشاه.
صفحة ٢٣