تطهير الاعتقاد من أدران الإلحاد
محقق
عبد المحسن بن حمد العباد البدر
الناشر
مطبعة سفير،الرياض
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٤هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
والسنة والأثر، أنَّ سكوتَ العالِم أو العالم١ على وقوع مُنكر ليس دليلًا على جواز ذلك المنكر.
ولنضْرِبْ لك مثلًا مِن ذلك؛ وهي هذه المكُوسُ المسمَّاة بالمجابي، المعلوم مِن ضَرورة الدِّين تَحريمُها، قد مَلأَت الدِّيارَ والبقاع، وصارت أمرًا مأنوسًا، لا يلج إنكارُها إلى سَمع مِن الأسماع، وقد امتدَّت أيدي المكَّاسين في أشرف البقاع، في مكة أمِّ القرى، يَقبضون مِن القاصدين لأداء فَريضة الإسلام، ويلقون في البلد الحرام كلَّ فِعل حرام، وسُكَّانها مِن فُضلاء الأنام، والعلماءُ والحكَّامُ ساكتون على الإنكار، مُعرضون عن الإيراد والإصدار، أَفيَكون السكوتُ من العلماء، بل من العالم٢ دليلًا على حِلِّ أخذها وإحرازها؟ هذا لا يقولُه مَن له أدنى إدراك.
بل أضرب لك مثلا آخر؛ هذا حَرَمُ الله الذي هو أفضلُ بقاع الدنيا بالاتفاق وإجماع العلماء، أحدَث فيه بعضُ ملوك الشراكسة الجهلة الضُّلال هذه المقامات الأربعة، التي فرَّقت عبادات العِباد، واشتملت على ما لا يُحصيه إلاَّ الله ﷿ من الفساد، وفرَّقت عبادات المسلمين، وصيَّرتهم كالمِلَلِ المختلفة في الدِّين، بدعةٌ قرَّت بها عينُ إبليس اللعين، وصيَّرت المسلمين ضحكةَ الشياطين، وقد سكتَ الناسُ عليها، ووفَد علماء الآفاق والأبدال والأقطاب إليها٣، وشاهدها كلُّ ذي عينين، وسَمع بها كلُّ ذي أذنين.
_________
١ لفظ (أو العالم) من خ.
٢ قوله: (من العلماء بل من العالم) من خ.
٣ مراد المصنف بالأبدال العلماء الذين يُظهر الله بهم الدِّين وينصر بهم الملَّة، ومن ذهب منهم أبدله الله بمن يقوم مقامه في ذلك، ومراده بالأقطاب العلماء الذين يُلقَّب الواحد منهم قطب الدِّين، ومن أمثلة ذلك قطب الدين الحنفي الذي ذكره الشيخ إسماعيل الأنصاري هنا ممثِّلًا بكلامه لإنكار العلماء إحداث هذه المقامات الأربعة.
1 / 78