تطهير الاعتقاد من أدران الإلحاد
محقق
عبد المحسن بن حمد العباد البدر
الناشر
مطبعة سفير،الرياض
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٤هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
الشناعة، ويَسكتُ عليه علماءُ الإسلام الذين ثبَتت لهم الوَطأة في جميع جهات الدنيا.
قلتُ: إن أردتَ العدلَ والإنصافَ، وتركتَ متابعة الأسلاف، وعرفتَ أنَّ الحقَّ ما قام عليه الدليلُ، لا ما اتَّفق عليه العوالِم جيلًا بعد جيل، وقَبيلًا بعد قبيل، فاعلم أنَّ هذه الأمور التي ندَندِنُ حولَ إنكارِها، ونسعى في هَدم منارها، صادرةٌ عن العامة الذين إسلامهم تقليدُ الآباء بلا دليل، ومتابعتهم لهم من غير فرق بين دبير وقبيل١، ينشأ الواحدُ فيهم فيجِدُ أهلَ قريته وأصحاب بلدته يُلَقِّنُونه في الطفولية أن يَهتِفَ باسم مَن يعتقدون فيه، ويراهم يَنذرون عليه، ويعظِّمونه، ويرحلون به إلى مَحلِّ قبره، ويلطخونه بترابه، ويجعلونه طائفًا على قبره، فيَنشأ وقد قَرَّ في قلبه عظمةُ ما يعظِّمونه، وقد صار أعظم الأشياء عنده مَن يعتقدونه.
فنشأ على هذا الصغير، وشاخَ عليه الكبيرُ، ولا يسمعون مِن أحد عليهم من نكير، بل تَرَى مِمَّن يتَّسِم بالعلمِ، ويَدَّعِي الفضلَ، وينتصب للقضاء والفتيا والتدريس، أو الولاية أو المعرفة أو الإمارة والحكومة، معظِّمًا لِمَا يعظِّمونه، مُكرمًا لِما يكرمونه، قابضًا للنذور، آكلًا ما يُنحر على القبور، فيَظنُّ العامَّة أنَّ هذا دينُ الإسلام، وأنَّه رأسُ الدِّين والسَّنَام٢.
ولا يَخفى على أحد يتأهَّل للنظر، ويعرفُ بارِقَةً مِن عِلم الكتاب
_________
١ لفظ (دبير وقبيل) من خ (إسماعيل)، وفي طبعة المكتب الإسلامي (١٣٩٧هـ)، وطبعات أخرى: (دنيٍّ ومثيل) .
٢ من أعظم المصائب أن يكون بعض المنتسبين إلى العلم واقعًا في هذه الأمور الخطيرة التي ذكرها المصنف، فيكونون بذلك قدوة سيِّئة للعامة.
1 / 77