وعقبة بن أبي معيط، والوليد بن المغيرة، والعاص بن وائل وأشباههم وأمثالهم من اعداء رسول الله ﷺ. فعزّى الله نبيه، وبشّره بقوم يطيعونه ويتبعونه، فيسّر له المهاجرين والأنصار كما وعده.
وقد أذكره بإنجاز هذا الوعد ووقوع الوفاء به، فقال ﷿:
«وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ. وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ» «١» لأن اجتماع المهاجرين والأنصار له، واعتقادهم نبوته، وإخلاصهم في طاعته على تلك الشرائط التي تقدم ذكرها، وعلى الوجوه التي/ قرر دعوته عليها لا يكون ولا يتم باتفاق جميع ما في الارض، ولا يكون ذلك إلا بتدبير الله وصنعه، وهو من آياته التي نقض العادات بها.
ومثله قوله: وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوانًا. وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها. كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ «٢»» وهم قد كانوا عقلاء قد عرفوا هذا «٣»، ولا يجوز في العقل ان يقول رئيس قوم لأتباعه: قد كنتم اعداء يعادي بعضكم بعضا ثم صرتم اخوانا يخلص بعضكم لبعض المودة وبي هداكم الله وجمعكم
_________
(١) الانفال ٦٢ و٦٣.
(٢) آل عمران ١٠٣ و١٠٤.
(٣) يشير القاضي الى الدعوة العباسية التي حمل العبء الأكبر في تأسيسها ابراهيم بن محمد ابن علي بن عبيد الله بن العباس، وقد بويع بعده لأخيه أبي العباس عبد الله بن محمد وذلك في سنة ١٣٢ هـ.
1 / 15