وقد اعترض عليه في هذا القسم من وجهين:
أحدهما: انفراده بذكره، قال الشيخ أبو حيان: "لم أقف على مراعاة هذا الشبه الوضعي إلا لهذا الرجل. والذي قال بشبه (¬1) الحرف، فسره بالافتقاري (¬2) "
الثاني: انتقاضه ب (أخ، وحم، وهن) فإنها معربة مع أنها ثنائية. والجواب: أما الأول فلأن عدم وجدانه لشخص لا يدل على عدم وجوده في كلام العرب. ومن وجد حجة على من لم يجد، وقال ابن مالك: "ولذا (¬3) كانت العلوم منحا إلهية" (¬4)، على أن أبا الفتح ابن جني قد راعاه فقال في الخاطريات ما نصه (¬5):
"علة بناء المكنيات: مشابهتها للحروف من وجهين: أحدهما: أن أكثرها على عدد [8ب] الحروف. والآخر: استغناؤها عن الإعراب كاستغناء الحروف عنه، ولكن علة الاستغناء مختلفة، ففي الحروف لم تكن فاعلة ولا مفعولة ولا [5أ] مضافا إليها، وفي المكنيات اختصاص كل بموضع من الإعراب". انتهى لفظه بحروفه.
على أن الشبه اللفظي معتبر في لسانهم، وتأمل زيادة (إن) بعد (ما) المصدرية في قول الشاعر (¬6):
ورج الفتى للخير ما إن رأيته على السن خيرا لا يزال يزيد
وهي إنما تزاد بعد (ما) النافية، لكن سوغ ذلك كون اللفظ واحدا، وكذلك ركبوا النكرة مع (لا) الزائدة في قوله (¬7):
لو لم تكن غطفان لا ذنوب لها إذن للام ذوو أحسابها عمرا
قال ابن مالك (¬8): "وهذا من التشبيه الملحوظ فيه مجرد اللفظ، وهو نظير تشبيه (ما) الموصولة ب (ما) النافية فيما سبق" (¬9) انتهى.
صفحة ٣٤