"لأنها حركة لم تحدث عن عامل، وكل حركة كذلك فهي حركة بناء، كما حكم أبو علي (¬12) في الإيضاح (¬13) في حركة التقاء الساكنين بأنها حركة بناء، في نحو: (لم يخرج القوم)، و{لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء} (¬1)، وإن كانت في كلمة معربة (¬2).
قال: "وإنما وجب بناؤه، لأنه لو أعرب لم تسلم الياء مع الضم والفتح؛ إذ الضم يقتضى قلبها إلى الواو، والفتح يقتضى قلبها ألفا. وأما قولهم في النداء [4ب]: (يا غلاما) فإنما فعلوا ذلك؛ لأنه باب تغير وتخفيف لكثرة استعماله، وجاء ذلك فيه قليلا، والأكثر: (يا غلامي).
والحاصل أن البناء يحدث عن علة لا عن عامل. والعلة التي أوجبت الكسر في: (لم يخرج القوم): التقاء الساكنين، والعلة التي أوجبت الكسر في (غلامي) ونحوه: انقلاب الياء واوا لو ضم ما قبلها وانقلابها ألفا لو فتح ما قبلها" (¬3). وأما تسمية ابن جني له بالخصى فمردودة؛ لأنه ذكر قطعا، والظاهر أنه أراد: (الخنثى) (¬4).
وأما المقام الثاني: وهو دعوى أن المقتضى لبناء الاسم: شبه الحرف فقط، فاعترضه الشيخ أبو حيان (¬5)، وقال: "لا نعلم أحدا قال به، فإن الفارسي (¬6) قال: هو شبه الحرف مع تضمن معناه، وأصحابنا (¬7) يعني ابن عصفور وغيره (¬8) ذكروا ستة أشياء: شبه الحرف، وتضمن معناه، ووقوعه موقع المبنى، ومضارعة هذا، والإضافة إلى مبنى، والخروج عن النظير" وكلاهما خارج عن كلام الناظم.
قلت (¬9): حصر علة البناء في شبه الحرف هو قول إمام النحو سيبويه (¬10)، قال ابن هشام في شرح الإيضاح (¬11): [لم يذكر سيبويه - رحمه الله - في أول كتابه في موجب البناء إلا شبه الحرف، وهو صحيح؛ لأن تضمن معنى الحرف شبيه به.
وقال ابن أبي الربيع (¬12) في شرح الإيضاح] (¬13): "وسيبويه لم يقل إلا المضارعة، ولم يذكر التضمن؛ لأن المتضمن للحرف مضارع له؛ فالمضارعة شاملة للنوعين" (¬14) انتهى.
صفحة ٣١