اعلم أن مالا يظهر فيه الإعراب على ضربين: أحدهما: أن يكون مبنيا. والآخر: معربا. والأول ضربان: مفرد وجملة، والمفرد ضربان: ضرب يعرض له عند التركيب البناء، وضرب لا يعرض له. أما الأول فعلى قسمين: أحدهما ما كان متضمنا معنى الحرف، كالشطر الآخر من (خمسة عشر)، واسم (لا)، وكل ما ضمن معنى الألف واللام، ك (سحر)، والغايات والثاني: ما لا يتضمنه كالصدر من (خمسة عشر)، والمضاف إلى ياء المتكلم، ونحو: (دمشقي)، و(ضاربه)، وما أتبع، نحو: {الحمد لله} (¬1) بكسر الدال، والمضارع المتصل به إحدى النونين. وأما الضرب الذي لا يعرض له [52ب] عند التركيب البناء فهو الحرف والفعل الماضي والأمر وأسماء الأفعال والأصوات المختلفة والأسماء الجارية مجرى المبنى. وهو أيضا ضربان: ضرب يجرى مجرى الحرف، كالمضمرات والمبهمات، والحكايات، وقط، وعوض، وضرب يجرى مجرى المضمر، كالمنادى المفرد، وأما الجملة فسواء كانت اسمية أو فعلية فإنها من حيث هي جملة، غير معربة.
وأما المعرب الذي لا يظهر فيه إعراب، فنوعان: نوع يكون الظهور فيه باختيار المتكلم. وهو المعرب الموقوف عليه، والمحكى، ونوع لا يكون كذلك، وهو ضربان: ضرب في كل أحوال الإعراب كذلك، كالمقصور، وضرب في بعض أحواله، وهو ضربان: ضرب يستوجب امتناع الصرف، وضرب لا يستوجبه، والذي (¬2) لا يستوجبه: (القاضي)،والذي يستوجبه ضربان: ضرب يدخله التنوين، ك (جوار) في الحالتين، وضرب لا يدخله، كغير المنصرف [30أ].
وليكن هذا آخر كلامنا في هذا الفصل، والله أعلم بالصواب، ونسأله المزيد من فضله؛ إنه الكريم الوهاب. وليعذر الواقف عليه، والمحدق ببصيرته إليه، فإني ألفته والقلب مقروح، والفؤاد [53ب] بأسياف الهم مجروح، وقد أصبت (¬3) من الزمان بنال نكاياته (¬4) وأدمت جلد جلده جراح جناياته (¬5)، وخلع عليه لباس الخمول والعطلة (¬6)، وآيسه حظه العجيب من الوصلة (¬7). والمال قد مال، والأحوال حائلة (¬8)، والجار قد جار، والإخوان خوان.
صفحة ٦٧