وكيف أنساك لا أيديك واحدة عندي ولا بالذي أوليت من قدم
الثاني: أن (من) تزاد [38ب] مع النكرة التي في مساق (¬1) النفي كثيرا، كقوله تعالى: {ما لكم من إله غيره} (¬2)، والمعنى الذي ضمنته النكرة هو العموم (¬3)؛ لأن قولك: (لا رجل في الدار) نفي عام، ولهذا لا يعطف عليه بما يناقضه، لا نقول: (بل رجلان).
وهذا القول صححه جماعة منهم ابن عصفور [لا] (¬4) على العلة الآتية التركيبية، قال: "لأن ما بنى لتضمنه معنى الحرف أكثر من الذي بنى لتركبه مع الحرف" (¬5).
واعترض عليه ابن الضائع (¬6) بأمرين (¬7):
"أحدهما: أن (لا) هي المتضمنة معنى (من) لا اسمها، فأين المقتضى لبناء الاسم؟ (¬8) "
قلت (¬9): وهذا فيه نظر؛ لأن الحرف لا يتضمن معنى الحرف بالمعنى المذكور - هنا - والظاهر: أن المجموع من (لا)، والاسم هو المتضمن (¬10)، وحينئذ ففي كون ذلك مقتضيا للبناء نظر؛ لأن تضمن معنى الحرف إنما يقتضى البناء في المفردات، أما في المركبات فلا؛ بدليل الظروف.
قال (¬11): والثاني: أنا لا نسلم أن الاستغراق في (لا) لنيابتها مناب (من)، بل قد قال سيبويه (¬12): إن (لا) تقتضى في النفي عموم النفي".
قلت: وهذا أيضا فيه نزاع، منهم من يرى أن النكرة المنفية إنما تقتضي العموم عند دخول (من) (¬13)، وفيه كلام للأصوليين (¬14).
صفحة ٥٨